يُتوقّع من خلال موجة الإتصالات التي يشهدها البلد أن تتبلور صيغة التكليف والإعتذار نهاية الأسبوع الجاري، في حال لم تحصل مفاجآت وتدخلات إقليمية، ولا سيما من خلال التوقيت المفاجئ لزيارة وزير الخارجية القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني، والتي حتى الآن لم تتّضح أهدافها، إلا أن المطلعين على بواطن الأمور، يؤكدون بأن مثل هذه الزيارة، وعلى مستوى وزير خارجية قطر، ربما جاءت من خلال توافق عربي، وبتغطية أميركية ـ فرنسية، باعتبار أن الأمور بين الدوحة والعواصم العربية قد تحسّنت بعد المصالحات التي جرت في الآونة الأخيرة، مما يتيح لها بأن تلعب دوراً في تقريب المسافات بين القيادات اللبنانية المتخاصمة، ولكن أيضاً، ومن خلال بعض الجهات السياسية التي قرأت أن هذه الزيارة،تأتي في إطار الدعم الإنساني، وصولاً إلى النقطة الأبرز، والتي تتمثّل بدعم الجيش اللبناني بعدما تكاثرت المعلومات من جهات لبنانية، بأن هناك وضعاً صعباً داخل المؤسّسات الأمنية الشرعية.
ويقول المطّلعون، أن إشارات عدة برزت وتؤكد أن الوزير القطري لا يمكنه تخطّي القاعدة التي اتُبعت من قبل كل الموفدين العرب والأوروبيين الذين زاروا لبنان اخيرا، بما فيهم نائب رئيس الإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيف بوريل، كذلك زيارة كل من وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان، بمعنى أنهم استثنوا كل القيادات والمرجعيات السياسية والحزبية في لقاءاتهم،وذلك، في رسالة واضحة بأن الدول المانحة للبنان، أو التي تعمل على إنهاء هذا الملف من ضمن شروطها الأساسية تغيير النهج القديم ومقاطعة الطبقة الــسياسية، وذلك ما تطرّق إليه أكثر من سفير أميركي سابق في لبنان وآخرهم السفيرة الحالية دوروثي شيا، ولهذا السبب أتى حديث رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بالأمس، عن وجوب عدم ربط المساعدات بتأليف الحكومة.
وفي غضون ذلك، بات من الواضح أن وزير الخارجية القطري، لا يحمل أي مشروع تسوية على غرار تسوية «الدوحة» التي أدّت إلى انتخاب الرئيس ميشال سليمان، بمعنى أن الظروف الدولية والإقليمية كانت حينذاك مؤاتية لإنضاج تسوية الدوحة، أما اليوم فالأمر مختلف، إذ لا يمكن لقطر أو أي دولة أخرى، أن تُقدم على إنتاج حل أو تسوية إلا عبر توافق واشنطن وباريس وبدعم عربي، كما كانت الحال في محطات سابقة، حتى أن الدول الخليجية تتّخذ مواقف أكثر حدة من واشنطن وباريس على خلفية ما يصرّح به أكثر من مسؤول خليجي، وبناء على هذه المعطيات،يؤكد المطّلعون، أن زيارة آل ثاني، والتي ستعقبها زيارات مرتقبة الى لبنان من موفدين عرب وأوروبيين، إنما هي تصب في خانة السعي لتجاوز لبنان أي فوضى أو حروب في ظل الإنحدار الإقتصادي المتواصل حياتياً ومعيشياً.
اما على جبهة التأليف، تلفت مصادر مواكبة، أن قراءة ما صرّح به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وسواهما، تؤكد أن ما من حسم على هذا الصعيد، والأمور لا تزال عالقة، والمشهد الــسياسي لا يتعلّق باعتذار أو تأليف، بل يتخطاه إلى ما هو أبعد، بمعنى أن ثمة صراعا سياسيا سيشهده لبنان خلال الأشهر القليلة المقبلة، وهذا ما يحتّم تمسّك أي طرف بشروطه وقناعاته، آخذين في الإعتبار وضعيتهم الشعبوية على أبواب الإنتخابات النيابية، وهذا من مستلزمات المعركة، وعليه، فإنه، وفي هذه الحالة، فذلك، سيذكّر بمحطات سابقة حصلت في الثمانينات، وعندئذٍ سيدخل لبنان في الفوضى، وربما أكثر من ذلك.