تبريد الملف الجنوبي في عهدة هوكشتاين.. والمعارضة لـ«اللواء»: الكيل طفح من تداعيات النازحين وممارساتهم
وسط استمرار احتدام المواجهات الجنوبية بين «حزب الله» وإسرائيل، وبانتظار ما سيحمله المستشار الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت، من أفكار ومقترحات، في حال قرر زيارة المنطقة، من شأنها نزع فتيل الانفجار، بعد الرد اللبناني السلبي إذا صح التعبير على الورقة الفرنسية، فإن ملف النزوح لا زال محل استقطاب داخلي، بالنظر إلى ما يثيره من تداعيات في أكثر من اتجاه، وما يحظى به من اهتمام على لسان القيادات السياسية والروحية والحزبية. ومن المنتظر أن تشكّل الجلسة النيابية، بعد غد، مناسبة لفتح هذا الملف على مصراعيه من قبل النواب، في ظل سخط عارم، نتيجة عجز حكومة تصريف الأعمال عن اتخاذ ما يلزم من إجراءات للتعامل بجديّة مع موضوع النازحين، بعدما رفعت مساعدة المليار الدولار من الاتحاد الأوروبي، من منسوب النقمة على الحكومة، ولا سيما أن هناك من عدّها، بمثابة «رشوة» للبنان من أجل إبقاء النازحين على أراضيه.
ويبدو من خلال المؤشرات المتوافرة أن هناك توجهاً نيابياً من جانب معظم الكتل، لوضع النقاط على الحروف بما يتصل بموضوع النزوح الذي ما عاد للبنانيين قدرة على تحمّل تبعاته. ويؤكد أحد نواب المعارضة لـ«اللواء»، أن «الكيل طفح من كوارث النزوح على لبنان، وعلى مختلف الأصعدة. وهذا ما يتطلب إجراءات غير عادية من جانب حكومة تصريف الاعمال، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وبما يخفف من الانعكاسات السلبية للنزوح»، مشيراً إلى أن «هناك نقمة واسعة من جانب المكونات اللبنانية، وتحديداً عند المسيحيين، جراء ما أصاب اللبنانيين من كوارث على مختلف الأصعدة، نتيجة أعباء النازحين، وما نجم عن ممارسات الكثير منهم، من تفلّت أمني واجتماعي فاق الحدود». وفي اعتقاد المصدر، أن «وحدة اللبنانيين حيال هذا الملف، بالتوازي مع رفع منسوب الضغوطات على المنظمات الأممية، من شأنها أن تعجّل في التخفيف من حجم المعاناة التي يواجهها اللبنانيون على هذا الصعيد».
ولا يظهر أنّ التوضيحات الصادرة عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، من شأنها أن تخفف من حدّة النقمة لدى المكونات النيابية التي توعّدت الحكومة، عشية الجلسة النيابية، وتحديداً من جانب كتلة «الجمهورية القوية» وتكتل «لبنان القوي»، رغم ما صدر عن النائب أنطوان صحناوي الذي حاول امتصاص هذه النقمة، بالقول إن أن ما يهمّ تكتله من جلسة الأربعاء هو تحصين الموقف الداخلي من ملف النازحين. لكن واستناداً إلى ما نقل عن مقرّبين من «التيار العوني»، فإن الأمور تسير باتجاه خطوات تصعيدية في هذا الاتجاه، في حال لم تبادر الحكومة إلى تغيير سياستها بشأن النزوح، وتتخذ المواقف المطلوبة بهذا الخصوص، والتي تتناسب مع مصلحة اللبنانيين أولاً وأخيراً. ولا ترضخ تالياً لأي مغريات مالية، لا من الأوروبيين ولا من غيرهم.
ولا تستبعد مصادر متابعة، أن تشكّل القمة العربية التي تستضيفها مملكة البحرين، الخميس المقبل، مناسبة للبحث في موضوع النازحين وما يشكّله من عبء على كاهل اللبنانيين. واستناداً إلى ما توافر من معلومات بهذا الشأن، فإن الرئيس ميقاتي الذي سيترأس وفد لبنان إلى القمة، سيثير هذا الملف مع المسؤولين العرب الذين سيلتقيهم، في ظل دعوات لبنانية وعربية، لحثّ الجانب السوري على تحمّل مسؤولياته على هذا الصعيد، وبما يساعد على تسهيل عودة النازحين إلى بلدهم، باعتبار أن خطوات تسهيل دمشق عودة هؤلاء النازحين، ستشجع الكثير منهم للعودة، إذا وجدوا أن الظروف باتت مؤاتية لهذه العودة، وأن النظام لن يتخذ خطوات تعرقلها. ما يدحض تبريرات المجتمع الدولي، بأن الظروف الأمنية في سورية، لا زالت عائقاً أمام عودة النازحين.
وسط هذه الأجواء، وفي حين لم يحصل أي خرق على صعيد الأزمة الرئاسية، تتحضّر قطر لاستقبال عدد من القيادات اللبنانية، سعياً من جانبها لجسر الهوة بين اللبنانيين حيال هذا الملف، وتعبيد الطريق ما أمكن، من أجل استعجال انتخاب رئيس للجمهورية، يطوي صفحة الشغور الذي يتحكم بمفاصل البلد، في ظل توقعات بإمكانية معاودة سفراء «الخماسية» تحركهم باتجاه القيادات السياسية، من أجل تهيئة مناخات للتوافق على إنجاز هذا الاستحقاق، تزامناً مع الحراك القطري على هذا الصعيد. وعلم أن هناك شخصيات لبنانية، ستبدأ بتلبية الدعوات القطرية تباعاً، بحثاً عن مخارج تفضي لانتخاب رئيس جديد، يخرج لبنان من مأزقه، ويعيد إحياء عمل المؤسسات الدستورية المعطّلة. وعلم أن النائب السابق وليد جنبلاط، من بين الذين تمت دعوتهم لزيارة الدوحة. وقد وعد بتلبية الدعوة قريباً. كذلك يتوقع أن يزور العاصمة القطرية، مسؤولون في حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» للغاية نفسها.
وقد توجه قائد الجيش العماد جوزف عون، أمس، إلى الدوحة، في زيارة لافتة، في توقيتها ومضمونها، سعياً من أجل تأمين المزيد من الدعم المالي للمؤسسة العسكرية، كذلك البحث في تطورات لبنان والمنطقة، ولا سيما أن اسم العماد عون، لا يزال في طليعة الأسماء المرشحة للرئاسة الأولى.
إلى ذلك، وترجمة لكلام وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، يتوقع أن تشهد العاصمة بيروت، وضواحيها، مزيداً من الإجراءات الأمنية، في إطار العمل على ترسيخ دعائم الاستقرار، والحد من التفلت الأمني الذي بلغ مستويات مقلقة في الآونة الأخيرة. بالتزامن مع تدابير مماثلة للجيش والقوى الأمنية في مناطق أخرى، مع بداية فصل الصيف، حيث يتوقع عودة المغتربين وقدوم السياح، بالرغم من الأوضاع غير المستقرة في البلد. لكن ذلك لن يحول دون مضاعفة الجهود من جانب المسؤولين، لترسيخ دعائم الاستقرار والأمان بما يطمئن الداخل والخارج.