لم يعد احد يفهم على احد بين الافرقاء السياسيّين في لبنان، فالكل «زعلان» من الكل، فيما الاوضاع السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية الصعبة والخطرة، تتطلّب التوافق والتكاتف اكثر من أي وقت مضى، لحل كل هذه المآسي المتراكمة منذ عقود على الشعب اللبناني اليائس. وبالتالي فمَن يقرأ في السياسة اللبنانية اليوم يخرج بمفهوم واحد، هو ان الحابل اختلط بالنابل ، فلا حلفاء إلا ضمن توقيت عابر عنوانه المصلحة، والاستهداف السياسي يأتي دائماً من الحلفاء قبل الخصوم وهنا الخطورة، فعلى الرغم من ان فريقي 8 و14 آذار اصبحا في خبر كان، إلا ان الفراق السياسي السائد حالياَ غير مفهوم من كل النواحي، لان إرسال الضربات والصدمات السياسية متواصلة من قبل البعض في إتجاه البعض الاخر.
وقد توالت النكسات بين الحلفاء، ومثال على ذلك التباين في وجهات النظر السياسية التي ظهرت منذ سنوات بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل ، اذ إتسعت هوة الخلاف وغاب التوافق السياسي، ما ادى الى إنكسار الجرّة السياسية ولم تعد الوساطات تؤثر.
وآخر هذه الخلخلة ما جاء في تغريدة الرئيس سعد الحريري التي اطقها رداً على تصريح الدكتور جعجع لصحيفة الاهرام المصرية بالقول: «بونجور حكيم، ما كنت عارف انو حساباتك هالقد دقيقة، كان لازم اشكرك لانو لولاك كان من الممكن انو تكون نهايتي، معقول حكيم؟ انت شايف مصيري السياسي كان مرهون بقرار منك؟ يا صاير البخار مغطى معراب أو انك بعدك ما بتعرف مين سعد الحريري».
هذا الكلام جاء على خلفية قول جعجع:» لم أتخلَ عن دعم سعد الحريري، ولكن الظروف كانت غير مناسبة على الإطلاق لتوليّه رئاسة الحكومة، وكان من الممكن أن تكون نهاية له هذا اعتقادنا وحساباتنا».
وفي هذا الاطار يشير عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبه قاطيشا في حديث لـ«الديار»، الى ان الرئيس الحريري فهمَ كلام الحكيم خطأ وبغير محله، لاننا نعتبر أن عدم ترشيحنا له لتوّلي رئاسة الحكومة هو عملية انقاذ له، لاننا رأينا أنه غير قادر على العمل ضمن سياسة يطغى عليها محور 8 آذار، لذا تفاجأنا بهذه التغريدة مع تأكيدنا أننا متمسّكون به، لكن للاسف حكمَ على تصريح الدكتور جعجع من وجهة نظره هو».
ورداً على سؤال حول وجود قطيعة سياسية بين الحريري وجعجع اليوم، قال: «على مستوى الزعيمين لا نعرف قد يكون هنالك تواصل، لكن على مستوى الصف الثاني فالتواصل موجود كذلك بين القاعدة، وإن تخللّها يوم امس انتقادات من الطرفين، وكلام مرفوض على مواقع التواصل الاجتماعي لكن بالتأكيد ستهدأ الاحوال».
وعن إمكانية تسمية الحريري للحكومة المقبلة في ظل كلام عن إمكان إستقالة دياب، لفت قاطيشا الى ان تسميته واردة لكن بحسب الظروف الدولية، وبصرف النظر عن المحور المتحّكم اليوم بالبلد، فله الافضلية لانه طاقة لبنانية سيادية لا نريد التفريط بها.
وحول ضرورة توحيد المعارضة في ظل التدهور الحاصل على كل الاصعدة، أجاب: «نحن نخوض المعارضة على اساس استراتيجي، وبحاجة الى كل صوت معارض للمحور الذي اوصل لبنان الى هذا المكان المخيف، لذا فالدرب طويل مع الحلفاء المعارضين، لان السياسة التي نتبعها استراتيجية وليست سياسة «دكانة».
وفي اطار العلاقة المتدهورة مع التيار الوطني الحر، لفت قاطيشا الى ان التيار المذكور حالة مرضية لا يمكن تصحيحها لا بل هو وباء ، وتاريخهم السياسي منذ العام 1988 والى حين عودتهم الى لبنان معروف.
وعن سبب حصول التسوية معهم وإيصال العماد عون الى بعبدا بدعم قواتي، قال: «اردنا دعم عون بعد التعطيل الذي ساد الدولة، فهو عطّل الرئاسة سنتين ونصف، وعطّل تشكيل الحكومة إكراماً لصهره، فتعطّلت الجمهورية بكاملها، وفي ظل دعم حزب الله وحركة امل له، اردنا إنقاذ الجمهورية فإتفقنا معه على ضرورة إنقاذ البلد ووعدنا بذلك، لكنه نكس بوعده، وهنالك ظروف اخرى اوصلته ايضاً».
وحول الحل الانسب والنهائي لعدم ضياع لبنان، رأى قاطيشا أن لا امل إلا بزوال النظام كله، لذا يجب إسقاط نظام ميشال عون، وولادة نظام جديد على غرار عهد الرئيس الراحل فؤاد شهاب باني المؤسسات، وإنطلاقاً من هنا لا نؤمن إلا بسمير جعجع القادر على تحقيق ذلك.
وختم قاطيشا: «لا خلاص للبنان إلا بسقوط العهد، وهنالك اشهر صعبة جداً على لبنان واللبنانيّين من اليوم وحتى نهاية العام الحالي».