هي قاعدة معروفة أن للنجاح آباءٌ كثيرون وللفشل أب واحد، لا أحد يُحبّ الخسارة، خصوصاً في الانتخابات، ولكن أسوأ ما في الخسارة أن لا يقرأ الخاسر بصدقٍ أسباب خسارته، أمّا الرّابح فهو يعرف أسباب نجاحه ويبني عليها ويثمّرُها لمعارك أخرى…
لم نعتد في هذا الهامش إلا قول الصدق، في زمن يلعبُ كُثُرٌ فيه دور «طبّالين الزفّة»، لذا يقتضي الواجب أن نذكّر من سيعيد حساباته ويقرأ زلزال طرابلس أن يرجع بالزمن لقراءة الأسباب، وأن لا يكتفي بقراءة النتائج حتى لا يضيع بوصلة استعادة ثقة جمهوره بعد صدمات كثيرة أدّت لخيبات كبيرة تلقاها هذا الجمهور بحسرة وغضب ومع هذا لم يجد آذاناً صاغية لا حينها، ولا بُعيد نتائج بيروت التي قاطعها السُنّة وأرادها رسالة فتم تجاهل هذه الرسالة، لذا قراءة نتائج طرابلس تقتضي العودة إلى الأسباب لا الانخراط في «هزليّة» قراءة النتائج…
في 10 كانون الأول من العام 2015 كتبنا في هذا العامش تحت عنوان «ملاحظات على هامش التسوية (ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة)»: «الرئيس سعد الحريري ليست شغلته إذا ما أطلق مبادرة أن يتصدّى بنفسه لتسويقها، وإلا ماذا يفعل هذا الجيش الذي يعيش على حساب «البريستيج السياسي» المستقبلي.
والأسوأ أيضاً تخلّي البعض من المستشارين عن القيام بدورهم، بل ويخونون أمانة دورهم هذا، فعندما قال «أبو الهيثم بن التيهان» للنبي صلى الله عليه وسلم اختر لي. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المستشار مؤتمن» [سنن ابن ماجة]، فهل هناك أسوأ ممّن يخون أمانة استشارته بإبداء الموافقة على كلّ شيء حتى ولو فيها هلاك صاحبها؟!
وفي الحكمة التي ينسبها البعض بالضعف إلى الحديث النبويّ الشريف ما رواه الطبراني في معجمه الكبير والصغير مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: «ما خاب من استخار ولا ندم من استشار» (…) والأسوأ؛ أنّ الفريق الذي ينبغي أن يتفرّغ لشرح المبادرة أو التسوية، أو تحضير الرأي العام لها، لم يتذكّر أنّ عليه المسارعة للإطلالة على النّاس إلا خلال اليوميْن الماضيين، وكأنّهم هم أنفسهم في حال عجز وغير ملمّين بحجم الاستياء الذي عمّ الشارع، والأدهى أنّ البعض بلغ منه العجز حدّ تصوير مبادرة الرئيس الحريري وكأنها تهدف لشقّ صفّ فريق 8 آذار وأنّ المتضرّر الأكبر سيكون النائب ميشال عون، هكذا وعلى الملأ وعلى صفحات موقع Facebook، غير مدركين أنّ هذه التبريرات مسيئة للرئيس سعد الحريري ومبادرته (…) تبقّى أمرٌ واحد، ثمّة حملة بدأت بالأمس على الوزير أشرف ريفي، و»مقزّزة» هذا الرّجل ما زال مشروع شهيد، ما هكذا يُدافع عن مبادرة الرئيس سعد الحريري، وهذا غيض من فيض، على الرئيس سعد الحريري أن يعرفه ويطّلع عليه، «ضيعانك» دولة الرئيس، حصّن فريقك ممّن لا يملكون قدرة على الإقناع، ولا إدارة الأزمات، فلبنان بلد الأزمات، فهؤلاء لا يقومون بأمانة دورهم، وكفى».
ما أشبه أحد طرابلس الماضي، بصدمة ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، وليت المعنيين بخسارة تيار المستقبل في طرابلس يتحملون مسؤوليتهم ، ويكفّوا عن تكبيد الرئيس سعد الحريري خسائر لا ذنب له فيها، سوى أنّه وثق برأي من لا يوثق برأيْه!!