Site icon IMLebanon

فلسفة الكمّ والنوع في الصراع على القدس

 

معادلة الكمّ والنوع كانت من المؤثرات الفاعلة في تاريخ البشرية. والكثرة في حدّ ذاتها لا تعني القوة، كما ان القلّة لا تعني الضعف. والأمر في الحالتين يتوقف على نوعية القيادة في كل منهما. والكثرة بقيادة ضعيفة تنهزم أمام قلّة بقيادة قوية. والصين بمئات الملايين من سكانها كانت مشتتة، وكانوا يمثلون عبئا على الدولة. الى أن خرجت من بين الصفوف قيادة استثنائية لرجل فذّ هو ماوتسي تونغ حوّل كميّة السكان الى نوعية، وتمكّنت لاحقا مع قيادة متطورة لاحقة من ان تجعل من الصين قوة عظمى في العالم. ويتجاوز العدد في العالمين العربي والاسلامي العدد الصيني بعدة مئات من الملايين، ولكنه لم يتمكن حتى اليوم من استرجاع الحقوق والمقدسات من دولة صغيرة وغاصبة مثل اسرائيل. والذريعة التي يتحجج بها القادة العرب والمسلمون هي ان المواجهة الحقيقية هي مع أميركا الداعمة الأعظم لاسرائيل في العالم… والسؤال هو: ألم تكن أميركا هي العدو المباشر في مواجهة الصين في زمن ماوتسي تونغ ولاحقا حتى يومنا هذا؟ ولماذا تنتصر الصين ولا ينتصر العالمان العربي والاسلامي؟!

 

***

بعد القرار المذلّ والمستفز الذي اتخذه الرئيس الأميركي المثير للجدل دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الأميركية اليها، كان من الأجدى والأوجب ان يكون العرب هم السبّاقون الى الدعوة الى انعقاد القمة الاسلامية على أرضهم وفي جوار مقدساتهم. وهذا السهو والغلط هو الذي قاد منظمة التعاون الاسلامي التي تضم ٥٧ دولة اسلامية من المنطقة العربية وأفريقيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية والبلقان، الى الانعقاد في اسطنبول. وهذا الواقع هو الذي جعل المؤتمر مسرحا للمزايدة على العرب في الدفاع عن المقدسات في القدس بل وعن فلسطين، الى الأتراك والفرس! وكانت المملكة العربية السعودية قد سجلت موقفا اسلاميا تاريخيا مع سائر قيادات المنظمة، عندما تقرر في مؤتمر وزراء الخارجية الاسلامي الذي انعقد في جده في آذار / مارس عام ١٩٧٠، ان يكون مقر الأمانة العامة لهذه المنظمة الاسلامية الدائم في القدس، وان تكون جده هي المقر الموقت… ولكن بعد ٤٨ سنة من قيام منظمة التعاون الاسلامي، التي كانت تعرف باسم منظمة المؤتمر الاسلامي، لا تزال الكثرة عاجزة عن نقل مقرها الدائم الى القدس، في مواجهة القلّة المحتلة!

***

في ظروف الكمّ الاسلامي الذي يفتقر الى النوع القيادي، يبقى الخيار الوحيد هو التوجه لتحرير القدس وفلسطين، الى القلّة الصلبة بقيادة قوية.