IMLebanon

سعادة الهرّ

 

كثيرون أفرحهم خبر ترشيح كفاركي “Quarky” لمنصب عمدة مدينة دمين الألمانية، ووجدوا فيه أملاً ومرتجى ومرجعاً يُتكّل عليه في غير شأن بيئي وتنموي، وتردد أن لديه خطة للحد من عدد السيارات في البلدة التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ11 ألف إنسان إلى جالية من الهررة والكلاب لها وجودها وحيثيتها، والمرشح “كفاركي” ما هو إلّا هرّ لطيف يبلغ من العمر ستة أعوام أي في سن العطاء والنضوج والنشاط والإنتاجية. إختار الهرّ الخدمة العامة بدلاً من تمضية الوقت في اللعب بـ”كبكوب الصوف”، أو في قرمشة الـ”كروكيت” أو في مشاهدة الأفلام أو في رصد هرّة تموء إغواء تحت شباك دارة صاحبه تورستن لوهر. الفرحون بالترشيح أغضبهم رفض السلطات المحلّية ترشيحه بذريعة أن توقيع المرشح غير موجود على الاستمارة، وهذا الأمر لم يحصل مع البغل بوسطن كورتيس في العام 1938 الذي انتخب كمسؤول حكومي عن الحزب الجمهوري بـ51 صوتاً وبدأت القصة عندما جرّ عمدة ميلتون، كينيث سيمونز، البغل إلى المحكمة ووضع حوافره على بعض الوثائق. وعندما سُئل عن دافعه، قال سيمونز، وهو ديموقراطي، إنه كان يريد إحراج الجمهوريين، فضلاً عن تعليم الناس درساً حول التصويت المسؤول. على أيام بوسطن كورتيس لم يكن التوقيع الإلكتروني معتمداً، كما هي الحال في زمن كفاركي، الذي أهمل ترشيحه كذلك لكونه لم يبلغ الثامنة عشرة، وذكرت وسائل إعلام ألمانية أن محامين عرضوا تقديم الدعم القانوني المجاني لصاحب الهر “الناوي” على جرجرة سلطات المدينة الى المحاكم إذا لم توافق على طلب ترشّح هرّه لمنصب العمدة. وعادة ما يكون التصويت لهرّ، أو لعنزةٍ، أو لوحيد قرن أو لكلبٍ تصويتاً إعتراضياً أو يأتي في معرض السخرية أو التسلية. ويذكر التاريخ وموسوعة “غينيس” أنّ الشمبانزي تياو، المقيم في حديقة الحيوانات في ريو دي جانيرو حلّ في المرتبة الثالثة بين المرشحين في الإنتخابات البلدية حاصداً أكثر من 400 ألف صوت. وفي العام 1981 جرت إنتخابات بلدية في سونول في كاليفورنيا ترشح فيها رجلان وكلب يدعى بوسكو وثبُت بالفرز أنه تقدّم على منافسَيه. “إنها سذاجة الديموقراطية الغربية” هكذا علّقت الصين.

 

بالعودة إلى الخبر الطازج، أتمنى أن يحظى الهرّ “كفاركي” بفرصة لإثبات علو مخالبه في الشأن العام، وأرى بحكم خبرتي مع “البسينات” ومن خلال خبرتي مع السياسيين، أن الهرّ لا يؤثر فيه “سحسوح” إن نوى على أمر عشقي، ولا ينقل البارودة من كتف إلى كتف، كما أنه مثل الكلب وفيّ لصاحبه وللمبادئ، وهو لطيف إن لم تدعس على ذيله، ويعرف متى يعتزل وإذا سرق… فلن يسرق أكثر من فرخ سمك أو شرحة “جمبون” إن وجد.