بين «حرد» الوزير سجعان قزي وانزعاجه من كلام وزراء الرابية حول التمثيل المسيحي في الحكومة وبين النقاش او السجال حول الكمية والنوعية في قلب مجلس الوزراء مرت جلسة الاول من امس، لكن لا يبدو ان الحكومة تجاوزت «القطوع» بعد وحيث ان مصيرها مطروح على المحك في ظل التهديدات التي يطلقها وزراء تكتل الاصلاح والتغيير بالانسحاب من الحكومة ما لم يتم احترام الميثاقية واعادة النظر بقرار التمديد في قيادة الجيش ، هذه التهديدات تقول اوساط مسيحية، وضعت الحكومة «على الرف» بانتظار حدوث تطورات وبانتظار موعدي الخامس والثامن من ايلول لانعقاد طاولة الحوار وجلسة انتخاب رئيس للجمهورية وان كانت اكثرية وجهات النظر لا تنظر بكثير من الجدية لموقف وزراء الرابية باعتبار ان سقوط الحكومة خط احمر وفي ظل اجماع القوى السياسية من رئاستي المجلس والحكومة على حماية الحكومة وتحصينها وحيث ان الرهانات كثيرة على ان انسحاب الوزراء العونيين من مجلس الوزراء لا يقدم ولا يؤخر فلا يمكن اختزال التمثيل المسيحي بوزيرين مسيحيين ، هذا في حال استمر التيار في التصعيد ودخل قرار الانسحاب من الحكومة حيز التنفيذ فعلاً وخصوصاً انه سبق للتيار ان هدد باشعال جبهات ومعارك في التمديدين السابقين وبالنزول الى الشارع في اعقاب التمديد بدون اي نتيجة .
فالقراءة في وضع الحكومة من جلسة الامس ، تظهر عدم التجانس بين مكوناتها بحسب الاوساط وبالمحصلة فان الجلسة الاخيرة كشفت التباعد وان في الوزارة كل فريق يعمل على حسابه، فلا رابح ولا خاسر في مجلس الوزراء، تكتل الاصلاح والتغيير هو الفريق الاكثر مشاكسة وهذه المرة رافقه بالمشاكسة الطاشناق والكتائب ، واذا كانت القوات غير ممثلة في المجلس فان طيفها حاضر في تفاهم معراب لكن المفارقة تقول الاوساط ان معراب لا تشارك التيار بزخم في رفض التمديد في القيادة العسكرية ، في حين ان حزب الله الحليف الاستراتيجي للرابية يبدو ميالاً الى تفادي المواجهة ويفضل التريث خوفاً على تطيير الحكومة وهو يحرص مع رئاسة المجلس على ابعاد شبح الفراغ بعكس زعيم الرابية الذي لم يعد لديه ما يخسره ويفضل قلب الطاولة على رؤوس الجميع بعدما حرم عون ابسط حقوقه بالوصول الى بعبدا على اساس انه الزعيم المسيحي الاقوى .
مرة اخرى يثبت ان حكومة المصلحة الوطنية غير متجانسة وعاجزة وترزح تحت وطأة ملفات كثيرة فالنفايات عادت تغزو الشوارع بعدما غرقت البلاد قبل فترة بالنفايات ثمانية اشهر دون رفعها من الشوارع ، ولا تزال على تماس مع ملفات الانترنت غير الشرعي والفساد، وملفات كثيرة حساسة وساخنة وغالباً ما استحكمت الخلافات بين وزرائها في اغلب الجلسات الحكومية وخصوصاً بين وزراء التيار الوطني الحر والمستقبل وأمل وشاغب كثيرون ضد بعضهم وفي وجه رئيس الحكومة مرات ووقف رئيس الحكومة وحيداً يشهد الصراعات بين وزراء حكومته دون ان يكون طرفاً او فريقاً فاقداً عناصر القوة والمواجهة لحماية حكومته .
أزمة الحكومة في رأي الاوساط صارت متعددة الأوجه ، فوجود الحريري كمشروع بديل عن تمام سلام يلقي بثقله على زعيم المصيطبة ، العلاقة مع الوزراء المسيحيين في الحكومة لا يبدو انها تسير بشكل طبيعي ، الحكومة كانت محسوبة الى حد ما على السعودية او الشارع السني المقرب من السعودية لكنها باتت الى حد ما متروكة من السعودية ومن الجميع من الحلفاء والاخصام ، وهي مستهدفة من المملكة بالذات التي كان يفترض ان تحصنها وتحميها من السقوط. والحكومة الى حد ما صارت نسخة منقحة عن طاولة الحوار تتأثر بخلافات حزب الله والمستقبل والرابية وبالصراع بين السعودية وايران. ازمات حكومية كثيرة مرت بها حكومة سلام من فضيحة الانترنت المسروق والشبكات التي نشأت وترعرعت الى جانب الشبكة الرئيسة والتي يحكى انها محمية من شخصيات سياسية وامنية ومسؤولين في الدولة وحيث ان الشبكات المكتشفة تتفوق على الشبكة الشرعية بالتقنيات والاحداثيات أضافة الى أزمة «أمن الدولة» والى ملف النفايات ومكب برج حمود لكن الحكومة استمرت، غير ان ذلك لا يعني انها ليست مهددة بالسقوط تقول الاوساط، فما يحميها اليوم القرار الاقليمي الذي يرفض سقوط كل المراكز في الدولة وفي الداخل هي محصنة من رئاسة المجلس ومن المختارة ومن حزب الله ورئيسها يحاول ان يناور ليستمر وخصوصاً ان «شبح» عودة الحريري الذي دعاه حزب الله للعودة قد يظهر في اي لحظة، كما ان تهديدات الرابية لا احد يعلم متى تتحول الى تهديدات واقعية وجدية.