Site icon IMLebanon

سؤال إلى «حزب الله»: ما الفرق بين سماحة والإسرائيلي؟

مقاطع من شريط مُصوّر كانت بُثّت خلال الأيام الماضية تخلّلتها مشاهد رُعب لا يحتمل مُشاهدتها حتّى من هم فوق السن المسموح به. قاتل، حاقد ومُجرم أطل في أبشع صوره ليُعطي أوامره بقتل الناس من دون تمييز بين طفل وشاب وبين سياسي ورجل دين ليكشف بفعلته عن صورته الحقيقيّة كقاتل مأجور وعبد «مملوك» لأسياد اعتاد جرّهم له مُقيّدا بالأغلال إلى بُرك من الدماء حيث المكان الوحيد الذي يُمكن ان يروي عطشه وحقده.

ميشال سماحة وزير من زمن «النكبة» زمن الوصاية السوريّة، اسم «لن يُخلى سبيله» من ذاكرة اللبنانيين ولو أصدرت كُلّ محاكم العالم بما فيها العسكريّة والمدنيّة وحتّى الشرعيّة صكوكاً ببراءته. اسم احتار اللبنانيّون في وصفه منذ أُفرج عن مقتطفات يُدين بها نفسه من خلال سعيه إلى ارتكاب مجازر متنقّلة. «روّحهم»، «اقتلهم»، «ينقبروا»، هي مجموعة من تعابير اطلقها سماحة على من يُمكن ان يكونوا ضحيّة لمجازر كان يتحضّر لارتكابها كاشفاً من خلالها عن حقيقة قاتل مُتمرّس له باع طويل في علم الجرائم وتاريخ مليء بالخيانات والمجازر.

ماذا لو كان نجح مُخطّط سماحة المملوك؟ هل تبادر هذا السؤال إلى ذهن الذين يُدافعون عن ميشال سماحة اليوم بعد هذا الكمّ من أدلّة موثّقة دخلت الى كل منزل، وهل ظنّ هؤلاء أن شظايا مُتفجرّاته سوف لن تطالهم لاحقاً خصوصا أن باب الفتنة كان سيُفتح على قاعدة ستّة وستّة مُكرّر أي عبوة هنا تقابلها عبوة أخرى هناك، ومن قال لهم إن عبوات الضاحيّة لم تكن صنيعة سماحة المملوك، والاول هو العالم بجغرافية الضاحية الجنوبيّة ويحفظها عن ظهر قلب، فله كانت تُفتح المُربّعات الامنيّة، وله كانت تُحجز الصفوف الامامية في المناسبات العامّة والخاصّة وعلى رأسها خطابات الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله.

في الشهر الثامن من العام 2012 اوقفت شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي الوزير السابق ميشال سماحة بتهمة الاعداد لمُخطّط تفجيرات في البلد، ومنذ ذلك الوقت وسماحة قيد التوقيف لدى الدولة اللبنانية. الغريب اليوم او المستهجن هو الحكم الذي اصدرته المحكمة العسكريّة الجهة المُختصّة بالتحقيق في قضيّة سماحة والذي قضى بسجنه اربع سنوات ونصف السنة هذا اذا ما اعتبرنا الفترة التي قضاها في السجن واحتساب السنة السجنيّة، ما يعني على الورقة، أنه رغم الجرم الكبير الذي ارتكبه من الممكن ان يُصبح خارج القضبان خلال اشهر قليلة.

المُحامي فؤاد شبقلو يُشير إلى أنّ «هذا الحكم هو ليس الاول من نوعه وبالطبع لن يكون الأخير، فالقضاء المدني او العسكري له مُطلق الحُريّة بحسب القانون اللبناني أن يُصدر حُكماً يُعلّله ويقتنع به وضميره مرتاح. لكن كذلك بالنسبة الى قضيّة الطعن، فهي ايضا منصوص عنها بأصول المُحاكمات الجزائية وذلك من خلال تقديم طلب نقض في حال توفّرت الشروط تماما كما هو الحال في قضية سماحة وعندها يُفسخ الحكم وتُعاد المُحاكمة من جديد».

ويوضح شبقلو لـ«المستقبل» أنّ «عرض القضيّة برمّتها على محكمة التمييز يُمكن ان يظهر بأن الحقيقة القضائية قد تكون مُختلفة عن الحقيقة الواقعية، ولذلك لا بد أن تُعرض الحقيقة القضائيّة بدقة وان يُستمع الى كل شهود السيارة وشخصيّاتها وان تُبحث الاتهامات الموجهة الى سواهم مثل رئيس النظام السوري بشار الأسد، فهل صحيح انه كان على علم بذلك، وهل أن السيّارة تعود له وبالتالي هو الذي ارسل الحمولة؟. لذلك ان القضيّة ابعد مما جرى. القضية ان تكون فعلا هذه المأساة واضحة كل الوضوح في شقيّها الأمني والسياسي والقضائي».

وبرأي شبقلو أنّه «حتّى لو لم يأت بشّار الاسد إلى المحكمة يُمكن محاكمته غيابيّاً وهناك نصوص قانونية دوليّة واضحة تُعنى بمحاكمة الرؤساء، خصوصاً وأنّه ليس هناك رئيس دولة تدنّت اخلاقه إلى مثل هذا المستوى.» ويُنهي حديثه حول جرم سماحة بالقول «لقد ارتكب سماحة مجموعة جرائم، فغير نقله حمولة اسلحة ومُتفجّرات، وغير التصاريح التي ادلى بها وتحريضه على قتل عدد من الشخصيّات، وغير توريطه العلاقات اللبنانية – السورية بفخ صعب، هناك جريمة ارهاب حاول سماحة ومن معه اغراق لبنان بها وقد قدّر الله ان لا يمر هذا المخطط، والا لكنّا اصبحنا اليوم في مكان آخر».

طيلة الايام السابقة تساءل أطفال مدارس لبنان عن شخصيّة «رجل» اخافتهم صورته الخارجية كما الداخلية، يُريد ان يقتل ويُفجّر. «رجل» اعاد الى اذهان اللبنانيين صورة وزير خارجيّة اسرائيل في العام 1999 دايفد ليفي وهو يُهدد اطفال لبنان بالقول «سنحرق ارض لبنان، الدم بالدم والطفل بالطفل»، فهل سألت «الممانعة» نفسها وتحديدا «حزب الله» عن الفرق بين ارهاب محلّي وآخر خارجي او بين عبوة صنعت في اسرائيل، واخرى مُصنّعة ومُعدّة للتفجير مصدرها النظام السوري؟