ثمة اقتناع لدى بعض المخضرمين والعقلاء أن “الثلاثي الماروني”، أو المثلث، لن يكمل الشوط في اتجاه التعطيل وتصعيد الشروط، إذا ما تعرّضت الصيغة لخطر جدّي، واذا ما جرت مصارحة في الطول والعرض حول مختلف الاعتراضات التي يراكمونها في وجه ترشيح سليمان فرنجيه “الجدّي وغير الرسمي” حتى اللحظة.
كل الأسباب المعلنة، كما المخبّأة في الصناديق والخزائن، لم تعد أبعادها وتشعباتها وأغراضها خفيّة على أحد.
لا على صعيد السياسيين والمعنيين بالاستحقاق الرئاسي في الداخل، ولا بالنسبة الى الدول التي تشكّل بعنايتها “المظلّة الدولية” التي ترعى لبنان الاستقرار، وتالياً عمليّة ملء الفراغ الرئاسي، وتسهيل الطرق الرئيسيّة لعبور موكب الرئيس الجديد الى ساحة النجمة، فساحة بعبدا.
لا يزال النظام في لبنان يعنون ويُميَّز بـ”الديموقراطي البرلماني”، وإن حلّت التسويات مراراً محل الديموقراطية والأصول والتقاليد.
من هذه الزاوية “النظاميّة” يمكن النظر الى احتمالات ممكنة ومساعدة في ايجاد مخارج وحلول لكثير من العقبات. إلا اذا كان عنوان الاعتراض الثلاثي هو للتمويه، فيما المقصود والمطلوب ترئيس أحد زعماء الأحزاب الثلاثة.
ولكن، مَنْ هو المرشح المقبول لدى الشريكين الآخرين، والذي يستطيع اقناع الجبهة المواجهة المؤلفة من أحزاب وتكتلات قد تمضي قدماً في ترشيح فرنجيه؟
مجرَّد سؤال ليس من الضروري انتظار أي جواب عنه. إنما لا بدَّ من اضافة سؤال آخر يدور بمضمونه وفحواه وأبعاده حول زيارة المسؤول الإيراني البارز علي أكبر ولايتي لبيروت، والتوقّف قليلاً عند تصريحه الذي يعلن فيه بايجاز “ان الآمال في ما يتعلّق بانتخاب رئيس للجمهوريَّة قد ازدادت، وتبشِّر بالخير”.
والزائر المصرّح يحمل صفة “المستشار الأعلى للإمام علي خامنئي علي أكبر ولايتي”.
لم يأت ولايتي الى لبنان زائراً للسياحة والاصطياف في فصل الخريف. ولا أدلى بهذا التصريح من باب التخمين أو رفع العتب. إنما أعلن عبر كلامه “الرئاسي” هدف الزيارة وعنوان المهمة.
وفي الهدف والعنوان ما يعني الكثير لرؤساء التحالف الماروني، وخصوصاً الجنرال ميشال عون وهو ليس غريباً عن أورشليم. ولا عن طهران. ولا عن “البعد السياسي” للزيارة وللكلمات المعدودات.
الطموح لا يحتاج الى إجازة. والتطلُّع نحو الرئاسة وصوب قصر بعبدا من حق كل ماروني يتمتَّع بالشروط العادية المطلوبة حتى بالترشح لعضوية هيأة اختياريَّة أو مجلس بلدي. هذا من بديهيَّات الديموقراطية اللبنانية.
إلا أن مسألة الفراغ الرئاسي أخذت تجنح بلبنان صوب اتجاهات تخريبيَّة، قد تزج البلد وأهله في مأزق كبير.
على هذا الأساس يبني المستعجلون أسباب مطالبتهم بتسهيل طريق الاستحقاق للعبور الى ساحة النجمة فبعبدا.