في موازاة استمرار «حزب الله» في التحضير لمعركة القلمون وتأمين الحشد العسكري المطلوب لخوضها ضد المسلحين السوريين، عدة وعدداً، فإن تساؤلات عديدة بدأت تطرح عن انعكاسات هذه المعركة على الوضع اللبناني وتحديداً في ما يتصل بمصير العسكريين المخطوفين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش»، وتالياً كيف يمكن الاطمئنان إلى أن هؤلاء سيبقوا بأمان إذا ما قام «حزب الله» بشن هجوم على المسلحين في جرود القلمون، بعدما أبلغت «النصرة» السلطات اللبنانية أن العسكريين سيكونون أول من يدفع الثمن واحداً بعد الآخر إذا تعرضت مواقعها للهجوم من جانب «حزب الله».
وهذا الواقع المقلق الذي يرخي بثقله على المشهد الداخلي المضطرب، يفتح الباب واسعاً على مصير الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل» بعد قرار الأول المضي قدماً في سياسة الانغماس أكثر فأكثر في الصراع السوري من خلال المشاركة في معارك القلمون، وبعد الانتقادات العنيفة التي وجهها رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري إلى «حزب الله» وقراره بالتدخل في معركة القلمون للدفاع عن نظام بشار الأسد، وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح، هل يستمر هذا الحوار، بعد كل هذا التصعيد، بالرغم من حرص الفريقين على التمسك به حتى الآن لتعزيز الاستقرار الداخلي وحماية السلم الأهلي وتوسيع نطاق الخطة الأمنية لتشمل أكبر قدر ممكن؟
لكن في المقابل، تسأل أوساط بارزة في قوى «14 آذار» عن مدى جدية «حزب الله» في الالتزام بتقديم التسهيلات للخطة الأمنية على طول مساحة البلد، فيما هو يضرب بعرض الحائط النداءات التي تطالبه بالانسحاب من سوريا لدرء الأخطار عن لبنان وتجنيبه تداعيات الحرب السورية، الأمر الذي سيعرّض حواره مع «المستقبل» لاهتزاز قوى قد لا يخرج منه سليماً وهذا لن يكون في مصلحة أحد، مشيرة في الوقت نفسه، إلى أن ما قيل من أن الحزب سيقف إلى جانب حليفه النائب ميشال عون في أي قرار يتخذه في موضوع التعيينات العسكرية، يؤكد مرة جديدة أن «حزب الله» غير مبالٍ بمصير الحكومة إذا ما قرر عون الاستقالة منها ووجد مَن يتضامن معه، بعد إصرار الفريقين على تعطيل الاستحقاق الرئاسي ومنع نوابهما من حضور جلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي تجاوزت الـ21 جلسة حتى الآن. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مدى استخفاف الجانبين بمؤسسة الرئاسة الأولى وتقديمهما المصالح الخارجية والمصلحة الشخصية، على ما عداها وحتى لو استمر الشغور شهوراً عدة.
واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ «اللواء»، فإن حلفاء لـ «حزب الله» كحركة «أمل» و«تيار المردة» و«الطاشناق» لن يماشوا عون بالاستقالة من الحكومة إذا لم تجر الحكومة تعيينات عسكرية توصل صهر عون العميد شامل روكز إلى قيادة الجيش. وقد بعثت هذه الأطراف برسائل إلى رئيس «التيار الوطني الحر»، مفادها أنها مع إجراء تعيينات عسكرية مع المبدأ، شرط حصولها على غالبية الثلثين في مجلس الوزراء، وإلا فإنها لن تتردد مطلقاً في دعم خيار التمديد لقادة الأجهزة العسكرية والأمنية، تفادياً لأي فراغ محتمل على رأس المراكز العسكرية والأمنية، في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد.
وكشفت المعلومات أن النائب عون يقوم باتصالات مع رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، للحصول منه على موافقة بشأن تعيين روكز لقيادة الجيش، مقابل تعيين العميد عماد عثمان رئيس شعبة المعلومات مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، لكن دون بروز معطيات حتى الآن تشير إلى إمكانية قبول الحريري بطرح عون، سيما وأن هناك وزراء داخل الحكومة يرفضون أن يُعيّن قائد للجيش في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية الذي نص العرف على أن يعيّن بنفسه قائد الجيش عند انتخابه.