بغض النظر عن الحسابات لدى الافرقاء السياسيين ازاء الربح والخسارة في المواجهات مع الارهاب كما مع العدو الاسرائيلي، تطرح معادلة سياسية جديدة على الساحة الداخلية فرضتها احداث وتطورات الايام العشرة الاخيرة ورسمت خارطة سياسية مختلفة عن مرحلة ما قبل العدوان الاسرائيلي على القنيطرة وذلك في ضوء الخطاب السياسي المتشنج وتجدد السجال حول قرار الحرب والسلم. وتقول اوساط نيابية مواكبة للحوار «التمهيدي» ما بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، ان احتلال العنوان الامني صدارة الاولويات في حوار «المستقبل» و«حزب الله» والمواقف السياسية الاخرى، قد جعل من الملفات الاخرى وبشكل خاص الحوار المسيحي الثنائي في مرحلة ترقب بانتظار بلورة المشهد الداخلي وان كانت الملفات المسيحية تبدو حتى الساعة مستقلة عن الهاجس الامني المتنامي جراء العدوان الاسرائيلي والاستهداف الارهابي لكل اللبنانيين.
واعتبرت هذه الاوساط ان عدوان اسرائيل في القنيطرة ورد «حزب الله» في شبعا، خلق واقعا عاما يشوبه القلق الكبير على المستقبل العام في لبنان وذلك فيما لو انزلق الوضع الى دائرة الحرب التي تهدد بها اسرائيل لبنان كله وبشكل يومي منذ الصيف الماضي.
واضافت ان الاطراف المسيحية التي تتشاور حتى الساعة في كل الملفات وقبل الوصول الى الاستحقاق الرئاسي. قد وجدت نفسها امام معضلة الواقع الامني المستجد وغياب المبادرة لديها ازاء اي تطور او حرب اسرائيلية. ولفتت الى ان مجلس الوزراء الذي يمثل كافة التيارات والقوى في 8 و14 آذار، تطرق الى شبح الحرب الاسرائيلية وكذلك السفراء الغربيين والعرب الذين زاروا الخارجية اللبنانية في الايام الماضية والذين عرضوا التحديات خلال زياراتهم الى القيادات السياسية كما الامنية.
ولم تستبعد هذه الاوساط ان تواكب المشاورات المرتقبة في الايام المقبلة على الساحة المسيحية، التطرق الى هذه الهواجس التي تهدد الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» على خلفية قرار الحرب والسلم وتنذر بتداعيات سلبية على حوار «القوات» مع «الوطني الحر» بنتيجة التحالفات السياسية لكل منهما. وبالتالي فان اسئلة مقلقة بدأت تطرح اليوم اكثر من اي وقت مضى حول جدوى الحوار على اكثر من مستوى، وحول فاعلية الحوار المسيحي الثنائي فيما لو تعثر حوار المستقبل مع الحزب. ولا تقتصر التساؤلات على التطورات في شبعا والتهديدات الاسرائيلية، كما قالت الاوساط النيابية، بل على قضايا سياسية وامنية وحتى اقتصادية تكتسب طابعا، مذهبيا، بالدرجة الاولى كالخطة الامنية في بيروت والبقاع والتوافق على تعزيز الاستقرار الداخلي وعلى اعادة الملف الرئاسي الى دائرة الضوء والاهتمام بعد اشهر من اضاعة الوقت شارك فيها المسيحيون كما شركاؤهم الاخرين في الوطن.
كذلك اكدت الاوساط النيابية ان هذا الواقع الصعب والمشوب بالخشية على المصير، يؤكد مدى الحاجة القصوى الى اختصار المسافات في الحوارات الدائرة، والتركيز على العقدة الاساسية وهي انتخاب رئيس للجمهورية قبل اي شيء آخر، اذ ان الفوضى في حال انزلاق الاستقرار الى المصير المجهول في ضوء التهديد الاسرائيلي بالامس عن حتمية الحرب على لبنان، لن تنتج الا الدمار بالنسبة للجميع ولكن لن يكون فقط دمارا للحجر والبشر بل للبنان الكيان.