Site icon IMLebanon

تساؤلات عمّا بقي من مجلس وزراء تتناتشه المصالح والحسابات

«تطييف» معالجة «أمن الدولة» يترك شكوكاً حول مصير جلسة الحكومة الثلاثاء

تساؤلات عمّا بقي من مجلس وزراء تتناتشه المصالح والحسابات

 

ما كاد اللبنانيون يتخلصون من روائح النفايات التي أزكمت أنوفهم على مدى ثمانية أشهر، حتى عادت روائح فساد الصفقات والاختلاسات والاتجار بالبشر لتلوث الأجواء مجدداً، وسط غياب مريب لمؤسسات الدولة وأجهزة الرقابة والمحاسبة، ما شجع المجرمين على التمادي في إجرامهم وتجاوز كل القوانين والأنظمة واستباحة المحرّمات، على ما ظهر في فضائح الاتجار بالبشر والإنترنت غير الشرعي واختلاس الأموال في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، في سابقة بالغة الخطورة، لم تعرفها المؤسسة في تاريخها، حتى في عز الحرب التي شهدها لبنان، ما يطرح الكثير من التساؤلات عن أسباب عدم اتخاذ الإجراءات المطلوبة لمواجهة هذه الجرائم منذ وقت طويل ولماذا التغافل عن هذه الممارسات التي أساءت كثيراً إلى سمعة لبنان وإلى سمعة مؤسساته الأمنية والرقابية، بالتزامن مع محاولات أطراف سياسية الاستمرار في سياسة التعطيل وشل عمل المؤسسات واختلاق الذرائع لتبرير مقاطعة جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في وقت عكست أجواء جلسة الحكومة الأخيرة وما تخللها من نقاش طائفي صاخب حول ملف جهاز «أمن الدولة»، مؤشرات بالغة السلبية لا تشجع كثيراً على إمكانية معالجة هذا الملف كما يفترض، في إطار مؤسساتي بعيداً من الاستغلال الطائفي الضيّق إذا صحّ التعبير، كما هو حاصل الآن، الأمر الذي يجعل جلسة الحكومة المقبلة المقررة الثلاثاء المقبل محفوفة بالمخاطر، من دون الحسم بإمكانية انعقادها إذا بقيت الأجواء على حالها ولم يشعر الرئيس تمام سلام فعلاً بوجود إرادة لحل القضية وفق الأصول القانونية.

وقد اعتبرت أوساط حكومية لـ«اللواء»، أن تفاقم حالات الفساد واتساع نطاقها على هذا النحو المخيف، يضع مصداقية ما تبقى من مؤسسات في هذا البلد على المحك، الأمر الذي يستدعي من الحكومة أن تعالج الخلل داخلها وتطوي صفحة خلافاتها وتستنفر كل طاقاتها، لمواجهة هذه الحالات والطلب إلى الأجهزة القضائية والأمنية التحرك بأقصى سرعة لكشف ملابسات ما يجري من جرائم وصفقات واختلاسات في جميع المؤسسات، لوقف الانهيار المتمادي على كافة الأصعدة، ما يحتّم التحرك العاجل والتصدي بكافة الوسائل الممكنة لمحاولات تعميم الفساد على نطاق واسع وشل أجهزة الرقابة والمحاسبة، مشددة على أن لا خيار أمام الحكومة، إلا بسلوك طريق الحزم والحسم في معالجة الملفات العالقة والضرب بيد من حديد، ضد كل العابثين بأمن اللبنانيين الاجتماعي والخارجين عن القانون، ومن يوفر لهم المظلة السياسية والأمنية للارتكابات التي يقومون بها. وكشفت الأوساط أن هناك مطالبات من جانب عدد من الوزراء للرئيس سلام، بأن يضرب على الطاولة وبقوة ليقول للجميع، إن الأمر لي ويضع اليد على كافة تفاصيل عمليات الفساد التي ظهرت وكشف ملابساتها حتى النهاية، لإظهار جميع المتورطين والضالعين فيها وعدم التستر على أحد، بعدما عمّ الفساد كل المؤسسات من سياسية وأمنية، وبالتالي ما عاد مسموحاً السكوت عما يجري وإبقاء الأمور على ما هي عليه من فوضى وفلتان فاق كل الحدود، فيما الحكومة غارقة في خلافاتها على قضايا هامشية وسطحية، كان ينبغي معالجتها منذ زمن، تفادياً لإطالة أمدها وإغراق المجلس في تفاصيلها المملة على مدى أسابيع، كما هي الحال في قضية أمن الدولة التي أغرقت الدولة في خلافات على طول البلاد وعرضها، وهذا ما يفرض على جميع المكونات الحكومية أن تتحمل مسؤولياتها في منع البلد من السقوط في الهاوية، من خلال توحيد القرار السياسي في مجلس الوزراء ودعم رئيسه في القرارات التي يتخذها وعدم استيلاد المشكلات التي تؤدي إلى تعميق الانقسامات وزيادة الشرخ الوطني وشل المؤسسات الدستورية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية المعطلة، منذ ما يقارب السنتين والإسراع في التوافق على رئيس جديد للجمهورية، يتمكن بخبرته وحنكته من إنقاذ البلد من براثن الانهيار الوشيك، في ظل عجز الطبقة السياسية الحاكمة على إدارة شؤونه كما يجب، سيما وأنه لا يمكن توقع أي تغيير في المشهد القائم، في حال بقي الفراغ الرئاسي قائماً ولم تتمكن القوى السياسية من إيجاد الحد الأدنى من التوافق، على رأب الصدع وتلافي مزيد من الانقسامات والتشرذم سياسياً ووطنياً، بإنجاز الاستحقاق الرئاسي وتشكيل حكومة جديدة وإعداد قانون عصري للانتخابات النيابية.