IMLebanon

الأسئلة المحقة والتشكيك المغرض  

 لنعترف: الأسئلة كثيرة حول هذه المدة القصيرة التي مضت على تسلم الرئيس العماد ميشال عون مقاليد الرئاسة. بعضها يبلغ حد التشكيك. بعضها الآخر ربما يكون صادراً عن حسن نية، وهو القليل.

بداية يقتضي الإنصاف الإشارة الى أن هذه الأسابيع التي تلت بداية العهد العوني كان فيها الكثير من الوعود… أمّا التنفيذ فليس عند الوعود، إن رئيس الجمهورية يتحدث يومياً تقريباً. بل إن فخامته قد يتحدث غير مرة في اليوم الواحد أمام الوفود التي تزور القصر الجمهوري. وكل من تلك الأحاديث يتضمن التزامات عديدة تتناول مختلف نواحي الحياة العامة في هذا البلد. وعليه فإنّ المواطنين يتمسكون بمضامين تلك الأقوال إنطلاقاً من إقتناع عام بأن  «الجنرال» من القادة الذين عرف عنهم الإلتزام بالكلمة والوفاء بالوعود والعهود. ويفوت الكثيرين أنّ القضايا لا تأخذ طريقها الى التنفيذ بكبسة زر. فهناك نظام يحكم المسارات ويتحكم بالقرارات… فثمة مجلس وزراء وكذلك مجلس نواب وآلية إجرائية معروفة.

ولكن لابدّ من الإشارة الى أنّ اللبنانيين متعطشون الى أن يروا عجلة السلطة تدور بسرعة، وكثيرون لا يعنيهم التمييز بين السرعة والتسرع. ذلك أن السنوات العجاف العديدة التي مرت على هذا الوطن حفلت بالكثير، من التردّد والميوعة، وعدم القدرة على مواجهة أوضاع داخلية وإقليمية قد تكون أكبر من الإمكانات المتوافرة.

إلا أن ما تجدر الإشارة اليه هو أنّ هناك أطرافاً وجهات لم تبلع بعد وصول الجنرال ميشال عون الى الرئاسة. وهي لم تبدأ بالتشكيك والأسئلة والعناوين الملغومة اليوم، إنما منذ اللحظة الأولى لتشكيل هذه الحكومة التي لابد من الإقرار لرئيسها سعد الحريري ومعظم اعضائها بأنهم ضخّوا حيوية غير مألوفة في الإنكباب على العمل، والتصدّي للقضايا المطروحة بجدية موصوفة. ولا بدّ من أن نكرّر هنا ما سبق أن أثرناه في عجالات سابقة من أنّ النفس الحكومي الحالي مختلف كثيراً عن الحكومات السابقة. فالرئيس سعد الحريري والكثيرون من وزراء حكومته يعملون بأسلوب عصري ويفتحون الملفات التي كانت تحاكي «التابو» مع حكومات سابقة. والجماعة الحكومية تبدو مصمّمة على إنجاز الكثير خصوصاً بعدما بات أكيداً أن «حكومة الإنتخابات» كما أطلق عليها يوم تشكيلها من تسمية، هي فعلاً الحكومة التي ستشرف على إجراء الإنتخابات ولكن هذه الإنتخابات ليست على الأبواب، بل إنها بعد سبعة أشهر من اليوم على الأقل وربما ذهبت الى ثمانية وتسعة أشهر، وإن كانت حتمية إجرائها قبل نهاية الخريف المقبل أمراً مفروغاً منه.

صحيح إن مطالب اللبنانيين كثيرة لشدّة ما تراكمت المطالب وتصاعدت الضرورات… الى واقع إقتصادي يبلغ الشعور العام به حدود الكفر. ولكن الصحيح أيضاً أنّ الحكومة في وارد التصدي لتلك المطالب والمستحقات ووضع الخطط التي من شأنها أن توصل الى النتائج المرجوة، وإن كان ذلك ليس بالأمر السهل على كل حال.

من هنا نرى أن التساؤل مشروع، والعتب ايضاً… وقد يؤديان الى إضعاف الثقة حيناً وبعض من الخيبة حيناً آخر. أمّا أن يتحوّلا الى نهج يومي غير مبني في معظمه على حقائق، فهذا شأن آخر.

ونحن لا نرمي من هذا الكلام الى الإعتراض على حق الناس (وفي طليعتهم السياسيون) في الإنتقاد والتحذير وبالذات في المعارضة، ولكننا نستغرب أن تكون أطراف بعينها تعمل ليلاً ونهاراً على وضع العصي  في الدواليب، خصوصاً إذا كانت ممثلة في الحكومة.