لبنان تحوّل إلى أرض جهاد ونِزال
أسئلة لوزير الداخلية بعد سجن رومية؟
بعد التفجير في جبل محسن، يمكن القول أن لبنان أصبح في نظر المجموعات الجهادية وتحديداً تنظيم «الدولة الإسلامية» وجبهة النصرة، وبشكل لا لبس فيه، أرض «جهاد» ونزال، بعد أن كان أرض نصرة وتأييد ودعـم.. مع ما لهذا التحول من تداعيات ونتائج أمنية واستراتيجية وسياسية واجتماعية واقتصادية.
فعلى الصعيد الأمني ستكون هذه مرحلة مواجهة شاملة واستيقاظ الخلايا النائمة، وتحريك آليات الاستقطاب. وفي المقابل ستشهد أجهزة الدولة اللبنانية استنفاراً غير مسبوق وسيكون على عاتقها حمل ثقيل وعبء كبير سقطت تحت وطأته جيوش وتفتت دول، كما هو الحال في العراق وفي سوريا.
ومن هنا يصبح التحدي الأكبر أمام الحكومة هو كيفية الموازنة بين الحفاظ على معايير العدالة، كواحدة من أهم وسائل مكافحة التطرف والعنف، وبين العمل بأقصى درجات الفاعلية لوقف تمدّد العمليات التفجيرية.
كما أن الإنجاز الهام لوزير الداخلية نهاد المشنوق في سجن رومية، لا يكتمل إلا بشمول الإجراءات الصارمة بقية المباني في سجن رومية، وتطبيق الإجراءات على جميع السجناء والموقوفين دون استثناء، حتى لا يسمح باستهدافه على أساس أنه قادر على تطبيق القانون على أبناء طائفته، وأنه عاجز عن تطبيقه على سواهم، إضافة إلى إلزامية شمول الخطة الأمنية سائر المناطق، وتسريع المحاكمات وضمان الاحتكام إلى معايير حقوق الإنسان من وقف للتعذيب والتزام المدة القانونية للتوقيف.
وبعد المقابلة التي تمت مع وزير العدل أشرف ريفي على قناة «أم.تي.في» مع الزميل وليد عبود وبين يدي المقابلة المنتظرة للوزير المشنوق مع الزميل مارسيل غانم، ثمة أسئلة لا بُـدّ من طرحها:
– كيف يمكن تسريع المحاكمات وتصفية الملفات القضائية المتراكمة؟
– كيف يمكن الإسراع في التحقيقات في ظل الاستمرار في التوقيفات وتكدس المعتقلين وتعثـّر تسريع العمل القضائي؟
– كيف لا تزال وثائق الاتصال سارية المفعول، رغم قرار مجلس الوزراء بوقف العمل بها؟
وإذا كانت ملغاة في القضاء، كيف يمكن لمخابرات الجيش الاستمرار في اعتمادها وتوقيف المواطنين بموجبها، في تـحـدٍ سافر لقرار السلطة السياسية، وكيف يمكن عملياً إيقاف الإجراء الذي لطالما رفعت له اليافطات وتعالت الصيحات بأن لبنان قد تحرّر من ربقة الهيمنة السورية مع إلغاء وثائق الاتصال بقرار مجلس الوزراء، وهل هو دور وزارة العدل أم وزارة الداخلية أم مجلس الوزراء مجتمعاً؟
تحديات استراتيجية: هل تبقى حدودنا ثابتة؟
على المستوى الاستراتيجي، بات انهيار الحدود سمة من سمات المرحلة، ولم تعد الكيانات القائمة مؤكدة الثبات ونهائية الوجود، والصراع الدولي والإقليمي في ذروته، والعرب وتركيا وإيران والكيان الصهيوني، ينغمسون في صراع مصالح، تحت مظلة اختلاط مصالح الدول الكبرى وعدم اتضاح ملامح النظام الجديد الذي سيتشكل نتيجة المخاض الراهن.
اقتصاد الأزمات: هل من سبيل للتأقلم؟
أما اقتصادياً واجتماعياً، فإن انتشار أعمال التفجير والعنف، سيشكل عامل تنفير وتخويف للاستثمارات، وسوف تتكاثر عوامل الركود الاقتصادي، وسيلزم البلد وقت طويل ليتمكن من التأقلم وتشكيل اقتصاد يتكيّف مع هذا النوع من الأزمات، ما يستدعي من رجال الفكر والتخطيط الاقتصادي وأصحاب المصالح الكبرى والمتطلعين إلى حماية الاقتصاد الوطني، وضع تصورات متقدمة لكيفية الدخول في نمط التكيف مع أزمات باتت هي السائدة على مستوى المنطقة.
مواجهة التطرف بالاصلاح والتنمية
يبقى التأكيد أخيراً أن مكافحة العنف والتطرف، ينبغي أن ينطلق من منظومة يتكامل فيها الأمن مع التنمية الاجتماعية والنهوض بالتعليم، وتثبيت حضور دار الفتوى بمرجعيتها واعتدالها ووسطيتها، لتقديم خطاب إسلامي معاصر يستجيب لتطلعات الشباب، ويؤكد التمسك بالحقوق، ويضبط وسائل التعبير عن الحق ويساعد في اختيار وسائل التعبير وسلوك سبل التغيير، مع الاحتفاظ بالمصالح والابتعاد عن المفاسد، بحيث تصبح مواجهة التطرف والغلوّ والعنف، عملية إصلاح وتنمية فكرية واجتماعية..