هدوء… هدوء… هدوء…
ولكنه هدوء في الظاهر، الهدوء الذي يخفي حراكاً كبيراً، ونشاطاً محموماً، ومقالب عديدة، ورهانات تتبدّل باستمرار كأسعار البورصة.
إنه الهدوء في الإستحقاق الرئاسي الذي إنتشله الرئيس سعد الحريري، كما قلنا هنا غير مرة، من المستنقع الآسن الى نور الحقيقة المرّة:
حقيقة أنّ البلد لم يعد في إمكانه أن ينتظر المزيد قبل إجراء الإنتخابات الرئاسية.
حقيقة أنّ قرار «المشي» بالعماد ميشال عون هو قرار جدّي وإن لم يصبح بعد حاسماً.
حقيقة إن هذا القرار يواجه صعوبات وعراقيل بالغة الأهمية.
حقيقة الغموض الذي يحوط بالكثير من المواقف الإقليمية.
حقيقة الرهان على التطورات في سوريا. فالكثيرون يأملون (من هنا وهناك) أن تكون المستجدات الآتية في مصلحة كل من أطرافهم.
حقيقة أنّ المبادرة بالوزير سليمان فرنجية لم تنجح في تسجيل الخرق المطلوب.
حقيقة أنّ موقف الرئيس نبيه بري «المعادي» للجنرال ليس مناورة إنما هو قرار متخذ من زمان، وله من الخلفيات ما يُعرف وما لا يُعرف، وهو كثير على كل حال.
حقيقة أنّ معارضي خيار الجنرال في تيار المستقبل وكتلته النيابية تراجعوا كثيراً لدرجة أنهم باتوا لا يتجاوزون الثلاثة أو أربعة نواب في الحد الأقصى.
حقيقة أن الرئيس سعد الحريري يملك القرار داخل الكتلة وفي شارع التيار… وان بعض الأصوات المعارضة لن يكون له أي مفعول عندما يحسم سعد.
حقيقة أنّ الشغل في الإستحقاق الرئاسي مفتوح على إحتمالات عديدة.
حقيقة أنّ الصعوبات التي تعترض المرشحين «الأقوياء» ليست وقفاً عليهم، بل هناك صعوبات عديدة وجدية، تعترض أيضاً المرشحين «التوافقيين».
حقيقة أن واشنطن ترتاح الى العسكر (…).
حقيقة أنّ مرشحاً توافقياً بعينه يمكن أن يكون البديل كونه يلقى إحتراماً وتقديراً كبيرين، وكونه صاحب تجربة مهمّة في المسؤولية الوزارية الديبلوماسية والإدارية، وينطلق من دعم قاعدة نيابية ثابتة (كتلة… وأفراداً) تتجاوز قاعدة معظم المرشحين «الأقوياء»، وهو الوحيد الذي يمكن أن يدعمه أحد أقوى الأقوياء الأربعة.
… وكثير من الحقائق التي يحجبها الهدوء الظاهر لغليان رئاسي في الداخل، ما يشير الي أن الهدوء الذي أعقب عودة الرئيس سعد الحريري من زيارته المهمة الى موسكو هو، فعلاً، هدوء ما قبل العاصفة المتوقف هبوبها على قرار الرئيس سعد الحريري.
كائناً ما سيكون هذا القرار: سيّان أكان المضي الى النهاية بالعماد ميشال عون أو الإتجاه الى خيار آخر. فالقراران ستترتب عليهما نتائج استثنائية، مع فارق أنّ القرار بالعماد عون يقرّب موعد إجراء الإستحقاق الرئاسي.