قبل عملية طوفان الأقصى في ٧ اكتوبر/ تشرين الأول ٢٠٢٣، كان الملف اللبناني بشقّه الرئاسي تحديدا مجرّد تفصيل على الأجندة الدولية والإقليمية ربطا بما كان يُحكى عن تسوية كبرى في المنطقة، ولكن بعد هذا التاريخ انقلبت الآية، ودخل الأميركي بقوة على خط تقديم أية ضمانات داخلية يريدها الثنائي الوطني لترتيب الوضع على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة وتطبيق القرار ١٧٠١… طبعا، كثر الساذجون الذين توقعوا أن يبحث حزب الله أو يرضى بأية تسوية يحصل في مقابلها على رئاسة الجمهورية وملحقاتها بعدما كان واضحا ان الملف سيتعثر طويلا بسبب الضغوطات الأميركية، دون الالتفات الى نقطتين أساسيتين:
أولا: ان ملف الحدود مع فلسطين المحتلة وأي شيء يرتبط بالدفاع عن لبنان في وجه العدو الإسرائيلي أهم بكثير بالنسبة لحزب الله من أي ملفات داخلية.
ثانيا: ان حزب الله ليس مضطرا للبحث في أية تسويات أو مقايضات من هذا النوع لاعتبارات كثيرة وأهمها تقديم ملف الحدود كأولوية على أية ملفات أخرى.
وعليه، بدأت تتوالى الرسائل الأميركية الى الداخل اللبناني بالاستعداد لتقديم أية حلول سياسية تشكّل عنصرا مساعدا للاتفاق على ترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة وعدم توسّع الحرب، وآخرها ما كشفته المصادر عن رسالة أميركية نقلها السفير المصري علاء موسى منذ أيام قليلة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري… وعليه، بدا اللقاء الخماسي بالتحرك على وقع إفراج الأميركيين عن الملف اللبناني، ووضعت الأسس الأولى للمبادرة الخماسية:
أولا: فصل الملف الرئاسي عن الأحداث في غزة.
ثانيا: العودة الى مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي طرحت سابقا بخصوص إجراء حوار مفتوح بين الأفرقاء اللبنانيين وبعده البدء بجلسات مفتوحة لحين انتخاب رئيس للجمهورية.
ثالثا: الانفتاح على كل الأفرقاء اللبنانيين وتحديدا حزب الله… وإجراء حوارات شاملة مع الحزب حول الملف الرئاسي والحكومي في العهد الجديد.
ولكن الأهم فيما تناهى الى الثنائي الوطني حول المسعى الخماسي الجديد انه لا يوجد توافق على اسم موحّد للرئاسة، وان التباينات داخل اللقاء تشبه التباينات بين الأفرقاء اللبنانيين لكن مع استثناء وحيد هذه المرة وهو تغيّر الموقف السعودي ودخول المملكة بشكل رسمي في ترتيب تسوية للملف الرئاسي.
ولكن، هل غيّرت المملكة موقفها من المرشح سليمان فرنجية، وما هي المعطيات المتوافرة حول ما تم تسريبه عن رسائل وتواصل تم ربما بين حزب الله واحد الدول المؤثرة في اللقاء الخماسي؟
اكتفت المصادر بعدم التعليق، مضيفة، انه من المبكر الدخول في هذه التفاصيل: «اللقاءات الخماسية في الخيمة، والعمل في مكان آخر».
وربطا بهذا الكلام، كان ثمة سؤال آخر، كيف يمكن تقريش لقاء السفيرين السعودي والإيراني على الملف الرئاسي اللبناني وعلى عودة الزخم للقاء الخماسي؟
كان رد المصادر كالآتي: ان هذا اللقاء كسر الجليد كما يقال بين الطرفين، وحمل مدلولات وإشارات إيجابية شكلا ومضمونا، ولكن ليس شرطا أن ينعكس على الملف اللبناني.
ولكن، رغم ما يحكى عن إيجابيات، بدت المصادر القيادية في الثنائي الوطني متشائمة، وحسب تعبيرها الحرفي «حتى الآن لا رئاسة في المدى المنظور وكل ما يحصل هو بالعربي الدارج مجرد «كركعات» ولقاءات لا تخرج عن إطار التشاور وجس النبض، فيما الثابت هو اصرارنا على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية»..
وفي رسالة واضحة للقاصي والداني: قالت المصادر لسنا مضطرين للطلب من فرنجية الانسحاب أو الطلب من أي طرف إقليمي أو عربي أو دولي الطلب منه الانسحاب ولا نفكر في هذا الموضوع اطلاقا، وجاء كلامها في معرض الرد على كل الكلام المتداول في الإعلام وبين السياسيين عن إبلاغ الثنائي الوطني الموفدين والوسطاء بان «من يريد من فرنجية الانسحاب فليقنعه»…
وعلى ما يبدو، فان التشاؤم ليس حول الملف الرئاسي فقط بل حول ملف الحرب على الجبهة الجنوبية، إذ كشفت المصادر القيادية عن ان هناك احتمالا جديّا لتدحرج الأمور وكل المؤشرات توحي بأننا ذاهبون الى حرب شاملة، جازمة انه لا ثقة بأي رسائل أميركية حول سعي واشنطن لعدم توسّع الحرب، كاشفة ان آخر الرسائل نقلها السفير المصري علاء موسى منذ أيام الى الرئيس بري.