تبيّن بالملموس، ومن خلال المعلومات التي وصلت إلى بعض المسؤولين السياسيين في لبنان، أن “اللقاء الخماسي” الذي انعقد في باريس كان تشاورياً، أكثر مما هو لقاء حاسم، بمعنى أن المعطيات، تؤكد أنه لم يُحسم أي خيار لتسوية تؤدي إلى انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، أو تمّ خلاله التوافق على مرشّح رئاسي ما، ولكن تمّ تسريب معلومات أولية لأحد أبرز الذين تربطهم علاقات مع المسؤولين الأميركيين، مؤداها أن موفدين من قبل الدول التي شاركت في “اللقاء الخماسي” في العاصمة الفرنسية، سيصلون إلى لبنان في وقت قريب، وذلك، للتحضير لاجتماع آخر للدول عينها، إنما على مستوى وزراء الخارجية، وعلى إثره سيصدر بيان يكون بمثابة خارطة طريق لحل الأزمة اللبنانية بكل تشعّباتها، ولا سيما انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية وانعقاد لقاء وطني، بمعنى أن إنهاء المعضلة اللبنانية يحتاج إلى لقاء على هذا الحجم، وسلّة متكاملة من انتخاب الرئيس إلى الحكومة ومؤتمر الدول المانحة.
والسؤال المطروح هنا، وفق المصادر عينها، كيف ستكون الحال في لبنان في المرحلة الفاصلة عن نضوج هذه الحلول، أو الإجتماع الجديد للدول الخمس التي التقت في باريس؟ هنا، تبدي المصادر مخاوفها من هذا الوقت الضائع الذي من شأنه أن يفاقم من حجم المشكلات والأزمات القائمة في لبنان، وخصوصاً واستطراداً للقاء وزراء خارجية الدول التي اجتمعت في العاصمة الفرنسية، في حال تمّ التوصل إليه، بحيث أن الأولويات الدولية لا زالت خارج لبنان، من الحرب الروسية ـ الأوكرانية، إلى النزاع بين أوروبا وروسيا، ومن ثم الخلاف الدولي المستمر، والذي يتفاعل مع إيران.
وتلفت المصادر، إلى أن الأزمات في المنطقة هي خطيرة إلى حدّ المخاوف من حرب عالمية ثالثة، ربطاً بالحرب الروسية ـ الأوكرانية، إنما هناك قلق أيضاً تم التعبير عنه في اللقاء الأخير الذي عقد في باريس على ضرورة حلّ المعضلة اللبنانية، قبل دخول البلد في اضطرابات يصعب معالجتها، نظراً لخصوصية لبنان السياسية بفعل انقسام كل المكوّنات على بعضها البعض، تالياً، الواقع الطائفي ووجود تنظيمات مسلّحة ونازحين وجبهات فلسطينية وسواهم، مما يعقِّد من حجم المشكلات القائمة، لذا، فإن الحديث عن مؤتمر لوزراء الخارجية للدول المهتمة بالملف اللبناني، هو أمر جدي، لكنه حتى الآن، موضع تشاور في ضوء ما سيحصل في الأيام المقبلة من مشاورات بين الذين اجتمعوا في باريس، وهم على مستوى المستشارين مع دولهم وحكوماتهم، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه بالنسبة لآلية الحل، والتي لا مفرّ منها، كما تردِّد بعض الجهات المواكبة لهذه الأجواء، نظراً للزلازل والهزات التي ضربت بعض دول المنطقة وتأثيرها الإقتصادي والإجتماعي وعلى مستوى النازحين، وحيث لبنان ليس بمنأى عن هذه العوامل بفعل تواجد مليوني نازح وأكثر على أراضيه.
لذا، فإنه، وكلما ابتعد الحل وطال أمد الشغور الرئاسي، فإن الساحة الداخلية عرضة لكل أنواع النزاعات، ولا سيما أن الإفلاس ظهر جلياً خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، إذ كشف عن عدم قدرة الدولة الصرف، إن من احتياط موازنة 2022، أو صعوبة الصرف حالياً باعتبار موازنة العام 2023 لم تُقرّ بعد، وذلك تبدّى من خلال عدم إعطاء المعلمين مطالبهم، وهذه الإستحالة انسحبت على قطاعات أخرى صحية واجتماعية، وأيضا صعوبة توفير الإعتمادات لإجراء الإنتخابات البلدية، من هنا، فإن المخاوف من إطالة أمد إيجاد الحلول لهذه الأزمات، وعلى هذه الخلفية، فإن المجتمعين في باريس تطرّقوا إلى هذه العناوين والمسائل، خوفاً من أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.