IMLebanon

الآمال الخائبة

 

فوجئ الديبلوماسي الأوروبي الغربي، عاشق لبنان وصديقه، بحجم الآمال التي علّقها اللبنانيون على «مؤتمر باريس»، وقال لي: لم أُفاجأ بالخيبة التي عبّر عنها إعلامكم تجاه ما انتهى إليه المؤتمر من لانتائج. فمن كان يتوقّع أن ينتهي هذا الاجتماع الذي عُقد بتقنية الزوم بين العواصم الخمس بأي نتيجة إيجابية يبدو أنه بعيدٌ عن متابعة التطوّرات المتلاحقة وغير مُطلع على حقيقة أولويات اهتمامات كلٍ من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ودولة قطر.

 

وأضاف: إنني أتساءل ما إذا كان من باب المصادفة أو في مجال القصد والعمد أن تُعلن باريس وواشنطن، بُعيد انتهاء اللقاء الخماسي، عن مضمون اتصال ثنائي بين وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولينا ونظيرها أنطوني بلينكن، إذ أعلن «الكي دورسي» في بيانٍ أدلى به الناطق باسم الوزيرة، أن الإثنين «تشاورا» حول القضايا المشتركة، وهي أوكرانيا وإيران والأراضي الفلسطينية المحتلة وأرمينيا وأذربيجان.

 

فهل كانت هذه الرسالة إلى الجماعة السياسية في لبنان ذات مغزى كبير بأن بلدهم، وبالذات الاستحقاق الرئاسي فيه لا يُثير، بأي شكلٍ من الأشكال، اهتمام الدولتَين العُظمَيين، وأنه لا يستحق الإشارة، ولو في بضع كلمات إلى أنّه على «الأجندا» التي أجريا التشاور في بنودها، بالرغم من أنّه لم يكن قد مضى أكثر من ساعة على انتهاء الاجتماع الخماسي المُشار إليه أعلاه؟

 

والواقع أن المسؤولين اللبنانيين، والمحللين، و «الخبراء» العاديين والاستراتيجيين، يُطلّون علينا مرّاتٍ عديدة في اليوم الواحد عبر الشاشات وأثير الاذاعات، ومواقع الإعلام الإلكتروني، ويتحدّثون في كل شيء ويتناولون القضايا المحلية والإقليمية والدولية، وكم ذهب بعضهم إلى استنتاجات سخيفة وتوقّعات خيالية عن ذلك الاجتماع الذي وصفناه، ههنا، بأنه مجرّد لقاء رفع عتب، لا أكثر ولا أقل، بينما ما يرجونه الناس ويأملون به هو أوضاعهم الأمنية والمعيشية، فقد شبعوا فقراً وتعتيراً وجوعاً وإذلالاً في وقت لم تكتفِ الجماعة السياسية بعزل لبنان فعلاً، بل عجزت أيضاً عن ابتكار أي حل، وكأن الفكر اللبناني الفذّ، أو الذي كان كذلك، بات عقيماً.

 

ثم إن الآمال التي كان يُعلّقها البعض على طيب العلاقة بين باريس وطهران، هي أيضاً أصابتها الخيبة، إذ أخذت هذه العلاقة تتراجع، بعدما رفض نظام الإيراني الإفراج عن الفرنسيين الستة المُعتقلين لديه، مُكتفياً بإطلاق المحتجزة السابعة، الباحثة الاجتماعية ذات الجنسية المزدوجة، وهو ما لم يُرضِ الرئيس إيمانويل ماكرون، ولعلّه يتّجه إلى توسيط الدوحة، وربما حزب الله مع إيران.

 

ولا شك في أن هبوط نسبة العلامة في العلاقة الفرنسية – الإيرانية من الدرجة المتوسّطة إلى ما دونها، وفي ضوء ما آل إليه لقاء الزوم الخماسي وغياب الاهتمام الدولي بلبنان، إضافة إلى الفشل الداخلي المُتمادي في كل شيء، وإلى مواقف الأطراف الداخلية على قاعدة الضغائن والأحقاد والنكايات (…)، فإننا مُقبلون على انتظارٍ طويل جداً قبل أن تستعيد هذه الدولة رأسها.