اثار بيان اللجنة الخماسية الاخير، الذي تجاوز العموميات المعتادة في بياناته السابقة، ودخل في تفاصيل ازمة الملف الرئاسي، ووضع ما يشبه خارطة طريق لإنجاز الاستحقاق الرئاسي امام اللبنانيين، جملة تساؤلات واستفسارات عن كيفية تنفيذ مضمون البيان، والاليات التي يعتمدها لتجاوز العوائق والصعوبات من طريقها، بما يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في النهاية.
لا يملك اي طرف ياسي اجوبة نهائية على مضمون البيان المذكور، في انتظار ان تبلور الكتل النيابية والاطراف السياسة، مواقف نهائية من طرح اللجنة، الذي وضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وحشرهم في زاوية موعد اجراء الانتخابات الرئاسية، نهاية شهر أيار الجاري، اي بعد أيام معدودة، ما يعني ضمنا وقف استباحة وقت الفراغ الرئاسي إلى ما لا نهاية، وابلاغهم بضرورة الخوض جديا، بانجاز الانتخابات الرئاسية من دون تأخير.
في ركيزة البيان، وقف ربط اجراء الانتخابات الرئاسية، بانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، وهو موقف يتجاوز لأول مرة، الجدار المسدود ألذي رسمه حزب الله أمام الخوض بالانتخابات الرئاسية، ما دامت هذه الحرب مستمرة ، الأمر ألذي يزيد بالاستفسار عن كيفية تبديد هذا التباين، من دون الانزلاق الى صدام يزيد من تعقيدات اجراء الانتخابات الرئاسية.
ضمنت اللجنة بيانها توازنا نسبيا، بين شروط ومطالب الثنائي الشيعي والمعارضة، فلم تسقط شرط الحوار بل اعطته صفة التشاور، ولم تحصر التفاهم على مرشح واحد، بل فتحت الباب امام اكثر من مرشح، بلائحة محصورة، ودعت إلى جلسات انتخاب مفتوحة وصولا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
آلية تنفيذ بيان الخماسية واردة في مضمونه، في إظهار وحدة وتضامن اعضاء اللجنة مع بعضهم البعض، تحذير واضح للسياسيين اللبنانيين من خطورة استمرار لبنان بلا رئيس للجمهورية، والتأكيد على الالتزام بتطبيق الدستور، ورفض واضح لتوظيف المواجهة العسكرية التي يخوضها الحزب في الجنوب اللبناني، بمكاسب سياسية بالداخل. كل هذه العناوين، هي خلاصة جوجلة مشاورات محلية مع الأطراف السياسيين، وخارجية بعيدة من الاضواء مع الدول المؤثرة على الساحة اللبنانية قامت بها سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان،التي عادت مؤخرا من زيارة لواشنطن، بعد لقائها مع المعنيين بالملف الرئاسي، بالتزامن مع حركة أكثر من سفير باللجنة، باجراء مروحة اتصالات، عربية واجنبية مع الدول المعنية بالوضع اللبناني.
اما تنفيذ مضمون البيان، يبقى رهينة مصالح وتدخلات الدول اللاعبة على الساحة اللبنانية، وهي رهن التلاقي والاتفاق فيما بينها، لتسريع التنفيذ، وقد يطيح الخلاف وتعارض المصالح، كل المحاذير والنصائح والتحذيرات الواردة في البيان، ويعطل تنفيذه كما البيانات السابقة ويبقى لبنان بلا رئيس للجمهورية حتى إشعار آخر، ومعرضا لشتى المخاطر.