تجتهد الاطراف السياسية في تفسير بيان اللجنة الخماسية الاخير، كل حسب ما يراه من زاويته ومصلحته، حتى يخيل للبعض، ان الانقسام السياسي الحاد الذي ساد منذ حلول الاستحقاق الرئاسي قبل عام ونصف، وأدى الى تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لم يتغير وما يزال على حاله، ما يرخي بظلال من التشاؤم والشك على امكانية التعاون والانطلاق قدما، حتى انتخاب الرئيس.
ما تزال النقاط الاساسية، الحوار المسبق او التشاور، وكيفية انعقاد الجلسات المفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، والاتفاق على مرشح توافقي او اكثر لخوض الانتخابات، موضع الخلاف ألذي يبقي ملف الاستحقاق الرئاسي، موضع تجاذب، ويدور في حلقة مفرغة.
خياران مرشحان لاخراج ملف الاستحقاق الرئاسي من جموده ودفعه قدما إلى الامام، للتفاعل ايجابا مع بيان الخماسية، استنادا لمصادر سياسية، الاول تدخل فاعل وملزم من قبل الدول الأعضاء في الخماسية، انطلاقا من علاقة هذه الدول بالاطراف المعنيين، لاقناعهم، بضرورة تليين تعاطيهم مع عملية الانتخاب، لانه لا جدوى من الاستمرار في التشبث بمواقفهم، والبقاء في الدوامة نفسها، باعتبار هذا السلوك السلبي لن يؤدي إلى اجراء الانتخابات الرئاسية، بل يبقي لبنان بلا رئيس للجمهورية إلى أمد غير معلوم، مع ما يترتب على ذلك من اضرار وتداعيات خطيرة على كل نواحي الحياة السياسية والاقتصادية، في الوقت الذي يتطلب الامر وجود رئيس للجمهورية، يستطيع ملاقاة الترتيبات الجديدة التي ستقدم عليها المنطقة ولبنان في جنوبه وبالداخل من ضمنها.
اما الخيار الثاني، فهو تحول بعض الكتل او النواب من صفوف المعارضة، باتجاه تحالف الثنائي الشيعي وحلفائهما، ما يؤدي إلى تقليص عدد تحالف نواب المعارضة في التصدي لمحاولة فرض رئيس للجمهورية، اي تحول موازين القوى النيابية لصالح انتخاب مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية للرئاسة.
وتجري الاتصالات والمساعي محليا وخارجيا، لتحقيق اختراق بالخيار الثاني، الا ان ما يعيق تحقيقه، رفض قوي من احدى الدول العربية البارزة في اللجنة حتى الان، وهي تفضل اللجوء الى الخيار الأول، باعتبار ان انتخاب اي رئيس للجمهورية بقوة الفرض والغلبة السياسية، لن يستطيع استقطاب كل القوى من حوله، للانطلاق قدما في مهمة انقاذ لبنان من ازماته، بل يزيد حدة الانقسام الداخلي.
وفي انتظار ما يكون عليه تحرك اعضاء اللجنة الخماسية بالداخل والخارج، لاقناع الاطراف السياسيين، بالتعاطي الايجابي مع بيان اللجنة، وعدم التلهي بالقشور والحسابات الضيقة، لابد وان يتم بالتوازي، تحرك اللجنة على كل المستويات، لمساعدة اطراف الداخل المؤثرين في إجراء الانتخابات الرئاسية، بمعزل عن المواجهة المحتدمة جنوبا، وقد يكون النجاح في تجاوز هذا التحدي الصعب، مؤشرا ايجابيا، مماثلا لتجاوز صعوبات الانقسام السياسي الداخلي لانجاح تحرك اللجنة لحل ازمة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.