Site icon IMLebanon

نصاب انتخاب الرئيس يزيد من تصدّعات «14 آذار»

الكنيسة مع الحفاظ على التوازنات ومبدأ التوافق

نصاب انتخاب الرئيس يزيد من تصدّعات «14 آذار»

عاد النصاب المطلوب لانتخاب رئيس للجمهورية ليطفو على سطح الخلافات السياسية المتوالدة من الفراغ في الموقع الأول.

لم يجد النواب الممدّد لهم ضرورة لحسم هذا الموضوع وتفسيره بشكل قاطع بعد الخلاف الذي دار حوله عقب انتهاء ولاية الرئيس الأسبق اميل لحود. تماماً كما لم تسعفهم دورة نيابية واحدة لإقرار قانون انتخاب او اصدار تشريعات حيوية، فكان ان مددوا لأنفسهم، كما مددوا للالتباسات في بعض المواد وتفسيراتها.

بقي الاجتهاد مفتوحاً في تفسير المادة 49 من الدستور التي تقول «ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي».

يستند فريق كبير من المستقلين في «14 آذار»، ومعهم ضمناً بعض الأحزاب المسيحية، إلى حرفية هذه المادة ليؤكدوا أن الغالبية المطلقة، أو النصف زائداً واحداً، تكفي لانتخاب رئيس لجمهورية لبنان. وإذا كان بديهياً أن يجابه هذا الطرح برفض من فريق «8 آذار»، عبّر عنه بوضوح الرئيس نبيه بري، إلا أن الانقسام بدا أشد حدة داخل الصف الواحد في «14 آذار» نفسها.

لا يخفي نواب في «تيار المستقبل» تخوّفهم من أن «يستغل حزب الله النصف زائداً واحداً ليفرض انتخاب رئيس موالٍ له بالقوة». هو خوف مشابه لدى بكركي إنما لا يقتصر على «حزب الله» او حزب او فريق معي، بل يطال حتى المسيحيين.

يقول أحد الأساقفة إن «الكنيسة غير معنية بالتفسيرات الدستورية، لكنها معنية بالمبدأ الذي يقول إن منصب الرئاسة يفترض أن يكون جامعاً وموحّداً ويلقى الرئيس أكبر تأييد ودعم له عند انطلاق عهده. من جهة ثانية، فإن لبنان الذي يقوم على توازنات دقيقة، هو المكوّن من مجموعة أقليات، مهما توهّمت عظمة وتوسعاً او قوة، معرَّض في كل فترة الى تغيير في موازين القوى والتحالفات. فهل نترك المجال عند كل استحقاق بأن يهمش فريق سياسي او طائفي أفرقاء آخرين؟ لماذا نشرع الباب امام رياح قد تطال الجميع بالتناوب؟ هل أصبح مستعصياً الى هذه الدرجة التوافق على شخصية وطنية؟ وكيف يمكن لرئيس أن يكون خصماً لنصف السياسيين وبالتالي نصف الشعب منذ انطلاق عهده؟ أي بلد وأي عيش مشترك هو هذا الذي نتغنّى به إن بقينا أعجز من أن نلتقي على مصلحة وطنية مشتركة؟».

يضيف الاسقف «هذا الكلام ينطبق على المسيحيين تماماً كما ينطبق على المسلمين. فنحن، مع تأكيدنا على ان انتخاب رئيس للجمهورية يفترض أن يحظى باهتمام وسعي حثيث بشكل أكبر لدى المسيحيين، فإننا لا نرضى بأن يكون هؤلاء وحدهم من يملكون أرجحية انتخاب الرئيس. موقفنا ينطلق من قناعة وطنية بالشراكة الكاملة وثقتنا بأن هذا البلد الصغير لا يُساس الا بالتوافق».

في «تيار المستقبل» يؤكد أحد النواب أننا «كنا في فترة سابقة، تحديداً عند انتهاء ولاية اميل لحود، مع الانتخاب بالنصف زائداً واحداً. لكن موقف البطريرك نصرالله صفير وثقله المعنوي جعلنا نُحجم عن هذا الخيار. اليوم يتأكّد لنا أن في هذا الخيار حكمة وشجاعة، فلا يمكننا أن نتخلّص من شر لنقع في شر أكبر منه». وعن تأثير هذا الخلاف على تماسك «14 آذار» المصاب بتصدّعات عديدة يقول النائب المستقبلي «الاختلاف في وجهات النظر سمة من سمات تنوّعنا في 14 آذار. لكن في النهاية نلتقي على ما فيه المصلحة الوطنية بمعناها الأشمل، أي الحفاظ على توازنات البلد وديموقراطيته التوافقية، وهما من ثوابته الأساسية».