يخوض الرئيس ميشال عون مفاوضات ليست بالسهلة من أجل الفصل السياسي لحصّته بوصفه «بيّ الكل» عن حصّة حزبه البرتقالي. ليس معلوما بعد ما إذا كانت وزارات رئيس الجمهورية ستتساوى عدديا مع تلك التي منحت لميشال سليمان الذي لم يكن صاحب كتلة نيابية.
وفق المعلومات المتداولة، فإن الرئيس المكلف سعد الحريري أبلغ سائليه أن عون يريد في حكومة من 30 وزيرا أربعة وزراء هم حصّته، بينهم مسيحيان إضافة الى وزيرين شيعيّ وسنيّ.
عاب «الجنرال» طويلا على ميشال سليمان أي كتلة مرجّحة. وفي مؤتمر صحافي عقده في الرابية في شباط 2011 قال إن «حضور رئيس الجمهورية اجتماعات مجلس الوزراء ليس ضرورياً. ولماذا نعطي (ميشال) سليمان كتلة مرجّحة»؟
وفيما أكد عون في المؤتمر نفسه «أن لا حقوق لرئيس الجمهورية»، سأل «أين النصّ الدستوري الذي يعطيه هذا الحق؟ وإذا كنتم تريدون هذا الموضوع، فنحن أول من سيصوّت على النص، ونوقع تعديلاً للدستور لإعطاء رئيس الجمهورية نسبة مئوية من الوزراء».
على مدى ستّ سنوات ومن خلال ثلاث حكومات حافظ رئيس الجمهورية ميشال سليمان على حصّة وازنة داخل الحكومات، يبرّرها اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري بكون سليمان آنذاك لم يكن لديه أي نائب في البرلمان، لكنه في الوقت نفسه يضع علامات استفهام حول المبدأ من أصله و «إلا فلمَ عندها لا يطالب رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة بحصص منفصلة أيضا عن كتلتيهما».
الحكومة الاولى لميشال سليمان في 2008 ضمّت ثلاثة وزراء محسوبين على العهد هم زياد بارود ويوسف تقلا والياس المر. الحكومة الثانية في 2009 ضمّت عدنان القصار، منى عفيش، الياس المر، زياد بارود، و «الوزير الملك» عدنان السيد حسين.
ثالثة الحكومات في عهد ميشال سيلمان في 2011 ضمت سمير مقبل، ناظم الخوري، مروان شربل، ورابعة الحكومات في 2014 شكّل الثالوث سمير مقبل واليس شبطيني وعبد المطلب حناوي حصة الرئيس في الحكومة.
اليوم يتصرّف ميشال عون على أساس أنه «قائد أوركسترا» توزيع الحصص المسيحية في الحكومة. لن يكون بحاجة للتفتيش عن «نصّ دستوري» يتيح له تركيب «عدّة شغل» العهد في السرايا التي ستتجاوز بوزنها كل الحصص التي منحت لرؤساء ما بعد الطائف.
يقول متابعون لملف التأليف الحكومي «عمليا في المشهد العام فإن حصة العهد ستكون مؤلّفة من حصة الرئيس شخصيا وحصة «التيار الوطني الحر» وحصة «القوات اللبنانية» بفعل نتائج المصالحة المسيحية التي ستترجم في الحكومة بعد الرئاسة. ستكون قوة ضغط مسيحية تتجاوز بمفاعيلها الثلث المعطل، وستشكل أكبر كتلة مسيحية مجيّرة لرئيس جمهورية ما بعد اتفاق الطائف».
في المقابل، تجزم أوساط مسيحية «أن قوة الرئيس عون أن يثبت أنه على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية، وهذا ما سيشكّل اختبارا أساسيا لعهد تختلط فيه حصة الرئيس الوزارية مع حصة وازنة لحزب مسيحي هو مؤسّسه».
هذا الموضوع لم يثر خلال اللقاء الذي جمع سليمان أمس بعون في بعبدا. أوساط رئيس الجمهورية السابق تؤكد أن «اللقاء كان ودّيا للغاية، وهذا يؤكد أن الخلاف مع عون لم يكن شخصيا وأن سليمان كان دائما من الداعين الى الالتزام بممارسة الديموقراطية من خلال الانتخابات ومن يفز فسيكون أول المهنئين له».
تضيف الأوساط «لم تكن مسؤولية سليمان انتخابه رئيسا بعد الدوحة، بل كان هناك إجماع عليه، وهذا الأمر شكّل لبّ الخلاف مع العونيين طوال السنوات الماضية».
وفيما تذكّر الأوساط «بأن عون زار القصر الجمهوري لأكثر من عشر مرات خلال وجود سليمان في القصر، فإنه سيكون منطقيا جدا أن يزور سليمان الرئيس الجديد للتباحث معه في الملفات خصوصا أن إنجاز المهام الاساسية يتطلّب التعاون بين الجميع».
ويبدو أن اللقاء الذي جمع الرئيسين خلال مأدبة العشاء التي أقامها السفير المصري في لبنان على شرف وزير الخارجية المصري سامح شكري وكان طبقه الأساس الملف الرئاسي، قد استكمل أمس في قصر بعبدا «رسميا» بعد وضع سليمان في عهدة رئيس الجمهورية «الملفات الأساسية» التي عمل عليها في عهده استنادا الى العرف «الذي يقول بتسليم الرئيس السابق الملفات للرئيس الحالي».
سليمان الذي تسلّم من الفراغ وسلّم للفراغ «لَطّش» عون لناحية التأكيد أن خطاب القسم «بدأ بإعلان بعبدا» الذي أشار الى تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، مشيرا الى أن عون «ساهم بدور كبير في وضعه، وكان له دور أيضا في وضع الاستراتيجية الدفاعية، فهو أول من قدم استراتيجية جدية للدفاع عن لبنان على طاولة الحوار».