موقف رعد التصعيدي ليس رداً على مضمون بيان 14 آذار أو لوقف الحوار مع «تيار المستقبل»
محاولة إستباقية لمنع طرح مسألة السلاح وتدخُّل الحزب بسوريا على طاولة الحوار
موقف النائب رعد الأخير حاول توجيه رسالة ترهيب لخصومه السياسيين لمنعهم من إعادة طرح مسألة سلاح «حزب الله»
يقلّل مصدر سياسي بارز في تحالف قوى 14 آذار من وقع الموقف الحاد لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على مجمل الأوضاع السياسية الراكدة منذ مدة أو على استمرار الحوار بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، بالرغم من لهجة التهديد والوعيد التي ضمّنها لموقفه وتلويحه بإمكانية تجميد أو حتى قطع الحوار نهائياً احتجاجاً على ما حاول إظهاره بأنه رداً على ما تضمنه بيان الذكرى العاشرة لاحتفال قوى 14 آذار من المواقف الثوابت ضد ترهيب سلاح الحزب والتدخل العسكري الإيراني في العدد من الدول العربية، لافتاً الى أن موقف رعد التصعيدي وإن بدا ظاهرياً وكأنه بمثابة رد مباشر على مضمون بيان قوى 14 آذار، إلا أنه يتعداه الى ما هو أبعد من ذلك بكثير، كون المواقف المعلنة للتحالف المذكور ليست مستجدة أو بدافع التحدي والاستفزاز، وإنما هي من الثوابت المعروفة من القاصي والداني ولم يتم تجاوزها أو تبديلها مع بدء الحوار مع الحزب أو حتى الالتزام بعدم إثارتها، بل كانت تتكرر بشكل شبه يومي على لسان قياديين بارزين من التحالف المذكور أو من «تيار المستقبل» على حدٍّ سواء، وقد صدرت مواقف أكثر حدة ضد سلاح الحزب وتدخله في الحرب السورية أو الشأن السياسي الداخلي واستنكار إمعانه في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية أو ضد استفحال التدخلات والأطماع الإيرانية في العديد من الدول العربية، ولم يصدر عن الحزب أي رد فعل تجاهها.
ويضيف المصدر السياسي متسائلاً، كيف يعتبر الحزب ما صدر من مواقف ضده عن تحالف قوى 14 آذار غير مقبولة ويهدد ويتوعد بمقاطعة الحوار مع «تيار المستقبل»، في حين لم يتوقف الحزب عن الإيعاز لأبواقه وأدواته في التناوب على شتم قوى التحالف المذكور وإتهامها بشتى أنواع الاتهامات وحتى إلصاق تهم «العمالة» بالخارج بها وسرقة المال العام وصولاً إلى ما كرره حليف الحزب الأساسي النائب ميشال عون في حديثه الصحافي الأخير باعتبار «الكتاب» الذي صدر عن «التيار العوني» والمسمى بالإبراء المستحيل والذي تضمن سلسلة من الافتراءات والفبركات والأكاذيب الفارغة للتصويب على حكومات ما بعد الطائف وتحديداً على الرئيس فؤاد السنيورة، بمثابة إخبار للنيابة العامة، وانتهاء بسلسلة المواقف الإيرانية التي صدرت عن لسان العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين وفي أكثر من مناسبة، والتي تؤكد التدخل العسكري الإيراني والسيطرة، ليس على لبنان فقط وإنما على العديد من الدول العربية، إن كان في سوريا أو العراق أو اليمن وحتى البحرين أيضاً ولم يصدر عن الحزب أي موقف يرفض مثل هذه المواقف أو يعتبرها مسيئة لمسار الحوار بينه وبين «تيار المستقبل»، بينما يلاحظ أن الحرب التزم الصمت تجاه مثل هذه التصرفات والممارسات الفظّة وكأنه موافق عليها ضمنياً ويؤيّدها.
أما لماذا جاء موقف النائب رعد وكأنه بمثابة رد مباشر على بيان قوى14 آذار الأخير، فذلك كما يعتقد المصدر بأنه محاولة مكشوفة لاستباق الجلسات المقبلة للحوار مع «تيار المستقبل» وتحديد إطار محدد لهذا الحور لا يمكن تجاوزه بطرح مسائل وقضايا مهمة وحساسة يرفض الحزب الخوض بها في الوقت الحاضر كمسألة تفلت سلاح «حزب الله» من مرجعية الدولة أو تدخل الحزب بالحرب السورية دون حسيب أو رقيب، والمسألة الأكثر إلحاحاً حالياً هي الإمعان في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية بذريعة التشبث بترشيح النائب ميشال عون دون سواه كما صدر عن أكثر من قيادي ونائب من الحزب أكثر من مرة.
ويشير المصدر السياسي البارز بأن جلسات الحوار السابقة قد أخذت وقتها في البحث بمسألة تخفيف الاحتقان المذهبي بين السنّة والشيعة ووضعت الآليات المطلوبة لنزع كل عوامل تأجيج هذا الاحتقان وانتقلت إلى البحث في تنفيذ الخطط الأمنية لمعظم المناطق اللبنانية ولم يعد ممكناً الدوران في حلقة البحث نفسها بلا طائل، بل يتطلب الأمر استكمال ما تبقى من التفاهم على تنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة ميدانياً على الأرض، في حين أصبح ملحاً أكثر من السابق البدء بالنقاش الجدي حول مسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية باعتبار هذا الانتخاب بمثابة إعادة انتظام الحياة السياسية استناداً للدستور وتقوية السلطات وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية والادارية واحياء مفهوم الدولة بشكل عام على ان ينتقل البحث عاجلاً أم آجلاً في مسألة وضعية سلاح الحزب ومصيره ومشاركة الحزب في الحرب السورية متجاهلاً إرادة معظم اللبنانيين وقرارات الحكومة والدستور والقوانين اللبنانية.
ومن وجهة نظر المسؤول السياسي في تحالف قوى 14 آذار، فإن موقف النائب رعد الأخير حاول قدر الإمكان توجيه رسالة ترهيب لخصومه السياسيين لمنعهم من إعادة طرح مسألة سلاح «حزب الله» على بساط البحث من جديد، إن كان في جلسات الحوار المرتقبة أو في خطابهم السياسي الحاضر، باعتبار طرح هذه المسألة من المحرمات في نظر الحزب ويجب أخذ هذا الموقف بعين الاعتبار لأنه ليس مستحباً طرح مثل هذا الموضوع أو حتى التداول به.
ويؤكد المصدر إن موقف رعد التصعيدي لن يؤدي إلى تجميد أو قطع الحوار مع «تيار المستقبل» بالرغم من سيل التهديدات التي أطلقها، لأن الحزب نفسه يستفيد من هذا الحوار أكثر من غيره وهو بحاجة لاستمراره ونتائجه تريح الحزب الغارق في حرب استنزاف متواصلة في سوريا وقد ينجر إلى حرب العراق لاحقاً، في حين ان التهديد والوعيد لن يخيف خصومه السياسيين في تحالف قوى 14 آذار وخصوصاً لدى «تيار المستقبل» الذي قدم تنازلاً كبيراً بقبول معاودة الحوار مع الحزب، لافتاً إلى ان مسألة الخلاف حول مرجعية السلاح لا يمكن حسمها في المستقبل القريب، إلا انها لا يمكن ان تؤجل إلى ما شاء الله كونها ستبقى مدخلاً لحل جميع المشاكل التي يُعاني منها لبنان، والتي يستعمل فيها السلاح، ترهيباً لمصادرة الحياة السياسية كما يحصل في تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو مصادرة الحياة السياسية كما جرى في السابع من أيّار أو في عبور الحدود للمشاركة في الحرب السورية وغيرها، أو لفتح جبهات جديدة ضد العدوان الإسرائيلي كما حصل مؤخراً من الجولان السوري.