مجدداً عاد العماد عون ليرفع الصوت بشأن التعيينات الأمنية التي تريدها وتتطلع اليها الرابية بأن لا تسامح في التعيينات والأمر ليس صعباً ومعقداً على الحكومة التي انجزت تعيين امين عام مجلس الوزراء فليس عصياً عليها تعيين اي مركز آخر، فالواضح ان الرابية لم ترمِ سلاحها ولن تفعل في المدى القريب في معركة التمديد لقائد الجيش التي بدأت تفرض نفسها وإيقاعها بقوة مع الإيحاءات والمؤشرات الكثيرة التي توحي بوقوع التمديد في المناصب الامنية وخصوصاً التمديد في قيادة الجيش وهذا الملف الذي تسعى الرابية الى التعويض فيه عن تعقيدات واشكاليات الملف الرئاسي بعد ان ثبت ان وصول عون الى كرسي الرئاسة الاولى لا يزال يلقى «فيتوات» خارجية من المملكة السعودية ومن اللاعبين الإقليميين في الاستحقاق مع تأثيرات هؤلاء اللاعبين على الأفرقاء بالداخل، وبالتالي فان حوار حزب الله والمستقبل حتى الآن كما تفاهم الرابية ومعراب لم ينتج مشروع توافق على الرئيس.
وبموازاة تعقيدات الملف الرئاسي فان ملف التمديد لقائد الجيش يتعب الرابية ويرهقها بالقدر نفسها، فالواضح والثابت حتى الآن ان الرابية تقود معاركها بمفردها على جبهة التمديد في المؤسسة العسكرية بخلاف معركة الرئاسة التي يؤيدها فيها حلفاؤها بقوة وخصوصاً حزب الله الذي يتمسك من ضمن استراتيجيته وتفاهماته مع الرابية بوصول عون الى كرسي بعبدا مهما كان الثمن، وقيادة الرابية المعركة منفردة ليس دليلاً على تخلي حلفائها عنها او بناء لموقف من ترشيح قائد المغاوير شامل روكز الذي تدعمه الرابية لهذا الموقع انما لأن لكل فريق من داخل تركيبة 8 آذار مقاربته المختلفة عن الآخر لموضوع التمديد في هذه المرحلة السياسية الحساسة والساخنة امنياً ولخشيتها من الفراغ على رأس لمؤسسة العسكرية بعدما بات الفراغ في كرسي بعبدا واقعاً يتعايش معه الجميع بعجز بعد مرور تسعة اشهر عليه. فمن جهة المردة والطاشناق فالواضح انهما في الجبهة السياسية نفسها ولكن ليس في الخندق ذاته في معركة قيادة الجيش والسجال الدائر بين الرابية ووزير الدفاع ليس اعتراضاً على اسم شامل روكز الذي يحبذ وصوله كل افرقاء 8 آذار انما بسبب الظروف التي قد تنتج في حال لم يتم الاتفاق السياسي بين المستقبل والرابية او 14 آذار والرابية على اسم قائد الجيش الجديد بعدما ثبت ميول هذا الفريق للتمديد لقائد الجيش الحالي لفتح معركة ضد عون وإضعافه مجدداً وقطع الطريق امام وصوله الى قصر بعبدا.
ويصف المتابعون ما يحصل اليوم في موضوع التعيينات الأمنية بالمناخ الذي ساد عشية التمديد للمجلس النيابي فيومها سارت الرابية وحيدة في معركة التمديد ولم يستطع حلفاؤها مواكبتها بسبب الظروف نفسها والهواجس والمخاوف الامنية وحتى بكركي نفسها سارت في هذا الخيار رغم اعتراضها وتطلعها الى انتخابات مشرفة. ففي التمديد للمجلس النيابي لم يقع الخلاف بين عون وحلفائه، وكل فريق اتخذ الموقف الذي املته عليه قناعاته، وعليه فان الموضوع اليوم يكاد يكون صورة طبق الاصل عن المشهد الماضي، فحلفاء عون جميعهم لم يتخلوا عن ترشيحه لرئاسة الجمهورية ولكن التعيينات الأمنية لها حسابات مختلفة تتعلق بالاستقرار الداخلي والوضع الامني والخوف من انتكاسات خطيرة في حال وقع في المؤسسة العسكرية التي تخوض مواجهة مفتوحة يمكن ان تتضاعف حدتها مع الارهاب. وإذا كان رئيس المجلس النيابي لم يصدر اشارات معينة في معركة التعيينات الأمنية لكته بالمؤكد لا يؤيد فتح معركة في هذه المرحلة في هذا الملف، ولدى كل من حزب الله ورئيس المجلس الهواجس ذاتها والمخاوف من سقوط الحكومة وضربها، إضافة الى المخاوف الاساسية المتعلقة بالجيش فبالنسبة الى حزب الله فان الجيش يقف اليوم في خط الدفاع الأول في الرود العرسالية وقد استطاع ان ينجز عمليات نوعية ضد الارهابيين وبالتالي فان التعاون لضرب الارهاب حتمي بينهما واي فراغ قد يصيب المؤسسة العسكرية لا سمح الله له تداعيات لبنانية خطيرة لأن الارهاب لا يرابض فقط على الحدود انما متواجد بقوة في الداخل وفي مخيمات النازحين السوريين والبؤر الأمنية وفي المخيمات الفلسطينية وقد كان اغتيال واستدراج احد عناصر «سرايا المقاومة» وقتله وتعذيبه في احد المخيمات رسالة واضحة المعالم لحزب الله، ودليل على نشاط السلفيين والارهابيين في كل المناطق في اطار الحرب المفتوحة على حزب الله.