مكاري للعونيين: الشارع واسع.. لكن ماذا بعد؟
الرابية تكسر الجرّة: لن نراهن على «رجل الانتظارات»
التهت بعض القوى السياسية في اليومين الماضيين في تفسير مغزى إطلاق الرئيس سعد الحريري ذقنه وحجبها لـ «السكسوكة»، بما ترمز من تماثل في الشكل بين «المستقبليين» وأمراء السعودية، وظهوره الى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متحرّراً من «اللوك» الاعتيادي.
وقد «شَطَحت» المخيّلة إلى حد الايحاء بتدهور العلاقة بين «الشيخ» والمملكة والرهان على هذا المشهد، لا بل البناء عليه، في تقديم تصوّر لما يمكن أن يقدّمه الحريري من تنازلات في الداخل اللبناني، تحديداً في الملف الرئاسي.
غاب عن المنظّرين أنه سبق للحريري أن ظهر في «اللوك» نفسه، ولأول مرة، في نيسان 2014، أثناء زيارته ولي ولي العهد السعودي الامير مقرن بن عبد العزيز لتهنئته بتوليه المنصب الجديد في قصر اليمامة في الرياض!
عملياً، مع «سكسوكة» أو من دونها، رئيس «تيار المستقبل» باق على مواقفه من أزمات الداخل المتفاقمة من الرئاسة حتى الانتخابات النيابية الضائعة في زواريب «الستين» والتمديد والتأجيل، مروراً بحكومة يتمسّك ببقائها حتى آخر وزير فيها.
لن يكون تفصيلاً، بالنسبة لـ «بيت الوسط»، أنه في زمن الرئاسة «المارونية» الشاغرة، ورئاسة مجلس النواب «الشيعية» المعطّلة، ان تكون رئاسة الحكومة «السنّية» المؤسسة الدستورية الوحيدة «الشغّالة».. والمعبر الطبيعي لعودة سعد الحريري إلى السرايا من باب التوافق الوطني مبدئياً.
في كل مراحل الصراع، كما الوئام، بين ميشال عون وسعد الحريري كان رهان الرابية ناشطاً دوماً على «استفاقة» وطنية لنجل الرئيس الشهيد. من لقاء باريس 2014 إلى الاحتفال بميلاد الجنرال في شباط 2015، وحتى إلى ما بعد ترشيح الحريري لسليمان فرنجية وصولاً إلى سؤال الأول عن «الضمانات» في حال سيره بخيار عون الرئاسي، وردّ الضاحية لاحقاً بلسان السيد حسن نصرالله شخصياً: «بأننا سنكون إيجابيين بشأن رئاسة الحكومة».
وقد يكون كل الكلام الذي قيل امس على لسان جبران باسيل في جلسة الحوار هو أحد أوجه تسليم الرابية بأن الرهان المستمر على «رجل الانتظارات» صار عبئاً يجدر التخلّص منه.
فالسؤال البسيط الذي يطرح في الرابية اليوم: «ماذا لو سلّم الحريري منذ البداية بالقرار المسيحي في انتخابات الرئاسة، هل كان هناك من يتكلّم بالميثاقية اليوم؟ هل كنا سمعنا الرئيس نبيه بري يدافع عن «حيثية» الـ 6 في المئة من المسيحيين داخل الحكومة؟ وهل أصلاً كان فرنجية ليستقوي بترشيحه بوجه ميشال عون؟
ثمّة من يعترف صراحة من داخل البيت العوني أنه «في زمن التفاهم المسيحي ـ الشيعي عبر ورقة مار مخايل، ثم وضع سمير جعجع يده بيد أحد طرفيّ هذا التفاهم، لم يرفع سلاح الميثاقية إلا بوجه الطرف السنّي حتّى في ظل مواقف الرئيس نبيه بري المستفزّة للمسيحيين أحياناً وبغضّ النظر عن الاشتباكات الكلامية المسيحية ـ المسيحية على غرار ما حصل، أمس، بين باسيل والنائب سليمان فرنجية».
هكذا يصبح المشهد أكثر وضوحاً حين يرصد ميشال عون، وبعد كل محاولات بناء الدولة مع خصمه السياسي الأول «تيار المستقبل»، يهدّد بـ «تكسير رأس الطائف» فوق الجميع.
فالتلويح بهذا المحظور صار من يوميات الخطاب العوني مع تحييد مقصود لـ «حزب الله» عن «مشروع» جرّ الممانعين لتطبيق الميثاقية الى خط النهاية، أي قلب صفحة الطائف نهائيا.
لكن تحميل الرئيس سعد الحريري بشكل أساسي مسؤولية خلق هذا النزاع بشأن الميثاقية عبر رفض تياره السياسي السير بخيار عون رئيساً أو السير بقانون انتخابي يؤمّن المناصفة الفعلية لا تتبّناه العديد من القوى المسيحية.
فنائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الذي شارك في جلسة الحوار امس بصفة مستمع وليس كمشارك في النقاشات، يؤكّد لـ «السفير» «أنا مسيحي لا أنتمي إلى «كتلة المستقبل»، لكني لا أؤيّد وصول عون الى الرئاسة، وهناك العديد من المسيحيين الذين يشاركونني الرأي نفسه، وعون يحظى ربما بتمثيل شعبي ملحوظ لكن ليس إذا استفتينا النواب على اسمه».
يقرّ مكاري بوجود «مشكل» بالبلد عبّر عنه باسيل في كلمته بشكل مباشر»، لكنه يحمل على الطريقة التي يعتمدها «التيار الوطني الحر» في مقاربة هذه الازمة « والتي ستزيد الوضع تأزيماً»، معتبراً أنه من غير الجائز أن يطالب باسيل بالميثاقية من دون أن يطبّقها فريقه السياسي على نفسه بالتشارك مع الآخرين في انتخاب رئيس الجمهورية عبر النزول الى مجلس النواب، أو حين يقرّر مقاطعة أعمال الحكومة لمجرد أن أمراً ما لم يعجبه داخل مجلس الوزراء».
وفي مقابل التهويل العوني بالوصول الى المحظور عبر إعادة النظر بالنظام برمّته، يتمنّى مكاري «أن لا يقودنا المسار الانحداري الى هذه النقطة»، معتبراً أن «الحكي شي والفعل شيء آخر».
وماذا عن التلويح بورقة الشارع؟ يردّ مكاري «الشارع واسع و «بساع» الجميع. لكن بعدها، ماذا يريد العونيون.. حرباً أهلية؟ عليهم أن يعرفوا أن لا مصلحة لأحد بالوصول إلى الفوضى، وهمّ على رأس من لا مصلحة لهم بهذا الامر».