كثيرون من المناضلين في صفوف «التيار الوطني الحر» كوفئوا بالغبن والابعاد وفق اوساط المعارضة البرتقالية ولن يكون اللواء عصام ابو جمرة اول الذين احرجوا فاخرجوا ولن يكون آخرهم نعيم عون وانطوان نصر الله وغيرهم من سبحة المفصولين من التيار المذكور، ولا تخفي الاوساط نفسها ان مقولة «الاقربون اولى بالمعروف» لم ترد اطلاقاً في القاموس البرتقالي الا بشكل استنسابي لتحل نعمة التوزير على وزير الخارجية جبران باسيل ومن ثم انتقلت اليه قيادة «التيار» تعويضاً على سقوطه في الانتخابات النيابية لدورتين متتاليتين في قضاء البترون والحبل على الجرار في مسلسل النعم بعد وصول الرئيس ميشال عون الى الكرسي الاولى.
وتضيف اوساط المعارضة ان في الرابية منازل كثيرة وان وصول باسيل الى رأس الهرم يشكل نكسة لنضال الذين صنعوا مجد الجنرال، فعون قامة تاريخية وصاحب «كاريزما» يفتقر اليها وريثه، وهذا امر ينعكس سلباً على رقعة الممارسة السياسية كون باسيل صاحب عقلية الغائية وهو اقرب ما يكون الى العقلية الاقطاعية الانتقامية وقد برز ذلك في محطات كثيرة بدءا بخلافه مع الرئيس السابق ميشال سليمان في احدى جلسات مجلس الوزراء في القصر الجمهوري على خلفية تصرفه واملاءاته في الجلسة ما اخرج سليمان من ثيابه ليذكره «بأننا في جلسة حكومية ولسنا في اجتماع للتيار» مروراً باستقباله للنائب سليمان فرنجية في دارته بالبترون وما شابها من خروج على الاعراف وصولاً الى خلافه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ناهيك بعلاقته الفوقية مع كوادر وعناصر التيار على طريقة الملك لويس الرابع عشر «انا التيار والتيار انا»، ومن لا يعجبه الامر فالجدران كثيرة ينطحها المشاكسون له، وقد نجح باقصاء اصحاب التضحيات الطالعين من تحت ركام زمن الوصاية السورية.
وتشير الاوساط الى ان الغبن داخل صفوف التيار لحق كثيرين من الغالبية الصامتة التي عضت على الجرح بكبر، ويأتي في طليعتها العميد شامل روكز الذي يحمل جراحاً في جسده من المعارك التي خاضها، الا ان جرح تغييبه على الحلبة الوزارية اوجع بكثير من بقية الجراحات، لا سيما وان معظم المراقبين توقعوا وصوله وزيراً للدفاع كونه الرجل المناسب نظراً الى تاريخه العسكري والخبرات التي راكمها في هذا الميدان، وكماروكز كذلك النائب السابق ايلي الفرزلي الذي لعب دوراً كبيراً في اطلاق حراك مسيحيي انطلاقاً من الرابية حيث كان يزورها اسبوعياً ليلتقي الجنرال لساعات وكان المنظر الفكري والسياسي للحراك المذكور الذي انتج «القانون الارثوذكسي» الذي لا يزال باسيل نفسه يفضله على بقية القوانين المقترحة من النسبية الى المختلط، وقد توقع الجميع من الدائرين في الفك البرتقالي ان يكون الفرزلي وزيراً في حكومة العهد الاولى ولكن وفق التسريبات ان «فيتوات» وضعت عليه من داخل التيار وليس من قبل اطراف اخرى كما قيل خشية ان تطغى شخصيته على نجم باسيل الصاعد ولو كانت الاطراف الاخرى رفضت وصوله الى النادي الحكومي لوضعت ايضاَ «فيتو» على وزير الدفاع يعقوب الصراف على خلفية قربه من الرئيس السابق اميل لحود، اضافة الى خروج وزير التربية الياس بو صعب من التشكيلة الحكومية، علماً انه يعتبر من انجح الوزراء الذين شغلوا حقيبة التربية والاقرب الى قلوب الجسم التربوي من اساتذة وطلاب. ويبقى السؤال المطروح لدى المعارضة البرتقالية هل سيرشح التيار الفرزلي وروكز وبو صعب للدخول الى الندوة البرلمانية في الانتخابات المرتقبة ام ان لدى باسيل خيارات اخرى؟