الرابية تصعّد اليوم في «الذكرى العاشرة للعودة»
«نعم الجنرال قد يترك من تركوه»
صحيح ان اللقاء بين السيد والجنرال قارب الاتفاق النهائي على تسمية قائد المغاوير شامل روكز لقيادة الجيش وجدد التفاهم بان ما بين حزب الله والتيار الوطني الحر لا قوة ولا اي شيء قادر على التشويش عليه او إلغائه، إلا ان شبه الاتفاق بدا ان خربطته اتت من مكان آخر، وتحديداً من سعد الحريري الذي كاد يسير بالخيار الذي يريده عون مما يعني تعيين خلف للواء بصبوص مقابل تعيين قائد الجيش وقبل ان يظهر ايضاً ان الأمور لا تسير ايضاً كما يرام مع حليف الحليف اي الرئيس نبيه بري بعد الرسائل المشفرة التي وردت على لسان وزير الخارجية جبران باسيل والرد القاسي من عين التينة. وإذا كان حزب الله الذي يخوض اشرس المعارك على الأرض اللبنانية بعد تحرير جزء كبير من جرود وتلال استراتيجية في القلمون وبعد ان الحق خسائر قاسية بالارهابيين واجبرهم على الإنكفاء والهرب الى البقعة العرسالية وتضييق الخناق عليهم لديه اولويات كثيرة خطيرة ومسؤوليات جسيمة بعد ان اشتد خطر الارهاب بدليل المواجهات العنيفة الدائرة على السلسة الشرقية التي تحررت تلالها العالية والاساسية من دون التفريط بالتزامه مع عون في الملفات والمسائل الكبرى، فان الواضح ان الرابية تركز على معركة التعيينات الأمنية بتفهم لأولويات الحليف ولكنها تخوضها بشراسة على غرار معارك حزب الله على السلسة الشرقية، وتقول اوساط قريبة من التكتل ان حزب الله الذي استخدم تكتيكاً عسكرياً فاجأ الارهابيين والاسرائيليين من حيث الاسلحة المستخدمة التي الحقت الهزائم القاسية بالتكفيريين، ومثله سيفعل ميشال عون في معركة التعيينات الأمنية التي ستفاجىء الجميع بحجمها وبعتادها وبالسلاح الذي سيستعمله عون للمرة الأولى، فمعركة قيادة الجيش او معارضة التمديد للأمنيين لا تشبه المعارك الأخرى كمعركة رئاسة الجمهورية او القانون الأنتخابي، وعليه فان المؤتمر الذي سيعقده عون في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم سيحمل مفاجآت في ملف التعيينات كما ان اللقاء الذي سيحصل في الرابية بمناسبة العودة التي تأجلت من 7 آيار الى الخامس عشر منه تختلف عن اي لقاء للكادرات العونية وممثلي التيار.
صحيح ان عون لن يعطي اخصامه قراراً ربما بالانسحاب من الحكومة، تضيف الاوساط، ولكنه سيكون في وارد اتخاذ موقف حاسم من مسألة التعيينات.، عون لا يبدو هذه المرة في وارد التسليم او تسليف احد قرار منع صدور التعيينات ألأمنية وباي ذريعة او حجة كان، ولأن ما هو حاصل في ملف الرئاسة وتعقيداتها المحلية والإقليمية لا ينطبق بالضرورة ولا يسري على قيادة الجيش التي يبدو القرار فيها داخلياً اكثر وفي صلب التجاذب القائم بين القوى السياسية.
يقول العارفون في كواليس الرابية ان المعركة المطروحة على طاولة الخلافات السياسية تختلف بحيثياتها ونتائجها وما سيصدر عنها عن معركة التمديدين للمجلس النيابي او التمديد السابق لقائد الجيش، وبالتالي فان عون لم يرم سلاحه بعد في معركة التعيينات الأمنية ولن يفعل لأنه مدرك ضمناً انها معركته الأخيرة وهي المكسب الوحيد الذي سيخرج به من الجبهات الثلاثة المفتوحة في الرابية بعدما ضاقت عليه آفاق المعركة الرئاسية وباتت شبه مستحيلة، اضافة الى ان عون يخوض معركة ترتيب بيته الداخلي وتنظيمه لمواكبة الاستحقاقات. إلا ان زعيم الرابية يتحفظ على «عدة» وسلاح المعركة المقبلة والتي ستكون ربما على قاعدة قلب الطاولة فوق رؤوس الجميع، ولكن عون الذي وجد ان الاستقالة من الحكومة لا ينفع إلا لخدمة اخصامه ربما هو في صدد التحضير لخيارات أخرى مؤلمة لأعدائه وربما لحلفائه اذا لم يساندوه في معركته.
لا تريد الرابية ان تبدو وكأنه تخسر كل اوراقها، فانجاز التعيينات مسألة وجودية لا تخضع للمساومة بالنسبة الى الرابية والتذرع بالفراغ في المؤسسة العسكرية ومخاطر الارهاب حجة واهية لضرب الدستور والقوانين بعرض الحائط، فلا أحد يخشى على الوطن اكثر مما يفعل تكتل الاصلاح والتغيير كما تقول مصادره ولا احد يخشى على المسيحيين وحذر من ازمة النازحين والمخيمات ومن انفجار عرسال اكثر من زعيم الرابية، ولا احد يتطلع الى رئيس قوي كما تفعل الرابية التي تتطلع الى رئيس قوي وليس الى مجرد حاجب في بعبدا. وبالتالي فان اللجوء الى الحجج الامنية والفراغ في المؤسسة العسكرية هي حجج ساقطة وواهية لأن الارهاب لن يتم استئصاله بسهولة، ومع التسليم بحكمة القيادة العسكرية الحالية وقدرتها على ضبط الارهاب ومواجهته إلا ان انتقال القيادة الى قائد المغاوير فيما لو حصل سيكون في محله ايضاً خصوصاً ان قائد المغاوير شارك في معارك عبرا ونهر البارد وفي معركة عرسال والكثير من المعارك الاستراتيجية ضد الارهابيين، اما الحجة بانتقال القيادة العسكرية في ظروف افضل، فان زعيم الرابية كما يعرف الجميع تسلم قيادة الجيش في اصعب الظروف التي كانت تواجه المؤسسة العسكرية، ولم تكن باحسن حال مما هي عليه اليوم.
ماذا سيكون موقف عون اليوم؟ اتختلف الترجيحات بين من يعتقد ان عون سيقلب الطاولة على رؤوس الجميع، وبين من يعتقد ان عون «يعد للعشرة» خصوصاً انه يدرك خصوصية وحيثية المعركة التي يخوضها حزب الله في القلون ومن بعدها في عرسال، كما ان الخروج من الحكومة غير مطروح ومستبعد لأن زعيم الرابية لا يريد اعطاء خصومه الفرصة التاريخية للانقضاض عليه او امتياز إحراجه لإخراجه من الحكومة لأن عون اختبر تجربة البقاء خارج الحكم وبالتالي فان خروج التكتل من الحكومة سيوفر للآخرين ما يريدونه وهو بقاء التكتل المسيحي الأقوى خارج اللعبة، وهو لن يخرج ليخلي الساحة لغيره لضرب المؤسسات والقوانين بعرض الحائط، كما ان عون لن يسمح ان يستأثر وزير بقرار الحكومة كلها.
يصر القريبون من الرابية على ان رئيس تكتل الاصلاح والتغيير لا يخوض معركة شخصية مع العماد جان قهوجي ولا يعترض على أدائه العسكري او قيادته للمؤسسة العسكرية خصوصاً ان الجيش اثبت بطولة وحكمة في التعاطي مع الأحداث الامنية الخطيرة وتسلل الارهاب الى العمق اللبناني.. وفي كل الأحوال فان ما سيقوله ويفعله عون هذه المرة سيكون بالمؤكد مختلفاً، هو سبق ان ارسل اشارات لمن يفكر ان يتركه، وسبق ان حذر «لا تخضعوني مرة جديدة للتجربة».