IMLebanon

الرابية: لا صفقة مع بيت الوسط

سجل الملف الرئاسي العالق في الثلاجة الاقليمية، تسريبات متفائلة خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، بقيت مجهولة المصدر، مع غياب المعطيات الملموسة، لدى المعنيين سواء في بيت الوسط، الرابية او الحارة، بأنه سيكون للبنان رئيس في جلسة 28 الحالي، بعد موافقة الشيخ سعد على الجنرال، وطرح موفد المستقبل الى معراب العماد جان قهوجي رئيسا وسطيا، لتسقط الورقتان، الاولى مع هجوم الحريري على ايران الذي اضعف امكانيات تبنيه العماد عون الى الرئاسة، فيما لم تصدر اي اشارات عملية مستقبلية على امكانية التخلي عن فرنجيه رغم حرص المستقبل على كسر حلقة المراوحة، والثانية، اعتذار «الحكيم» عن التخلي عن عون.

التفاؤل الذي وصل حدود اصرار مصدر حزبي على وجود ضغوطات كبيرة لاخراج الرئاسة من عنق الزجاجة بلغت حدود النقاشات العميقة في دوائر القرار في دولة اقليمية معنية جدا بتعطيل الاستحقاق الرئاسي قد تفضي الى تسهيلها لولادة رئاسية قيصرية، نفته مصادر الوطني الحر التي اعتبرت ان الهوة لا تزال واسعة بين الرابية وبيت الوسط، وان الاتصالات الجارية بين الطرفين لم تسجل اي تقدم يذكر، واستغربت الكلام عن لقاء باريسي لا علم لها به اصلا، متخوفة من ان يكون كل ما يطرح من باب اجهاض التحركات الشعبية التي يعتزم القيام بها ومحاولة واضحة لاحتوائها.

فتعطيل الحوار الوطني، قذف كرة الاستحقاق الرئاسي رسميا، الى الملاعب الاقليمية والدولية، قاضية على ما كان تبقّى من آمال ضئيلة بلبننة الحل الرئاسي، وفق ما أعلن عرّابها شخصيا، اكثر من مرة، حيث تشير مصادر دبلوماسية الى ان «التفويض» الاميركي لفرنسا بمتابعة الملف الرئاسي اللبناني لا يزال قائما، مؤكدة ان اخفاق كل الجهود التي بذلتها باريس منذ اكثر من عامين على مستوى محاولة حلحلة العقد التي تعوق انتخاب رئيس للجمهورية لم يثنها عن استكمال المهمة، كاشفة عن محاولة فاشلة جرت لترطيب الاجواء بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية،كانت تقضي باستضافة الطرفين الا انها لاقت اعتراضاً من الجانبين.

اما الفاتيكان فيدعم بدوره مساعي باريس تماما كما القاهرة التي دخلت على خط الازمة اللبنانية مؤخرا محاولة ملاقاة الجهود الفرنسية، جازمة ان أي خرق لم يتحقق حتى الساعة، رغم التوصل الى قناعة «حل المرشح التوافقي»، الجاري رسم ملامح شخصيته التي يمكن ان ان تكون محط قبول ورضى  لن يكون سهلا في الداخل، مع ربط البعض الملف بمسألة الميثاقية وصحة الحضور المسيحي في التركيبة اللبنانية، حيث تكشف المعلومات عن ايعاز بابوي لبكركي لتحريك قنواتها مجددا، تحضيرا للارضية المناسبة لمواكبة الجديد الذي قد يطرأ رئاسيا في المرحلة المقبلة، حيث سيحاول استكمال الجهود الخارجية عبر جسّ نبض القيادات إزاء امكانية القبول بمرشح رئاسي جديد، حيث  اندرجت اللقاءات التي شهدتها الديمان خلال الايام الماضية علنية وفي الكواليس في هذا الاطار.

عليه تكشف المصادر الديبلوماسية ان التوجهات الرئاسية الدولية بدأت تلقى بعض الاصداء في الداخل، اولها اعلان المرشح سليمان فرنجية  عن استعداده للانسحاب من السباق شرط تأمين اجماع على رئيس وفاقي، توازيا مع تحضير التيار الازرق لاطلاق مقاربة جديدة للاستحقاق، تتكتم مصادره حول طبيعة مساعيها، رغم جزمها بانها لن تكون بالتاكيد السير بالعماد عون، نافية بدورها كل ما اثير عن لقاءات وصفقات و«ضغوط» لانتخاب عون من ضمن سلة كاملة عنوانها العريض ثنائية عون-الحريري، التي لن تقود الا الى اعادة تكرار تجربة لحود-الحريري الاب التي ادت الى خراب البلد وانهيار المؤسسات.

واذا كانت الجولات الدبلوماسية خلال الايام الماضية، اظهرت بما لا يرقى اليه شك، الاهتمام الدولي بلبنان يقتصر راهنا على ابقائه معزولا عما يجري في جواره قدر الامكان، في ظل المخاوف من استغلال البعض للحركات الاعتراضية التي قد يشهدها الداخل على خلفية بعض القرارات الحكومية المثيرة للجدل، والتي قد تسمح لبعض الاطراف من التسلل امنيا وتسديد ضربات في الوقت الضائع تؤدي الى انهيار ما تبقى من بنيان الدولة، وتنقل مصادر السراي ان زوارها الغربيين نقلوا رسائل – نصائح بوجوب التيقظ الى الحد الاقصى لمنع محاولات قد يبذلها بعض الاطراف الاقليميين لزج لبنان في المحرقة السعودية – الايرانية، مشددين توازيا مع دور خارجي في مجال ابعاد هذا الشبح عن لبنان نسبة لحساسية الوضع فيه وكون المواجهة اذا وقعت ستضع دول المنطقة برمتها في قلب المواجهات المذهبية وهو أخطر ما يمكن ان يحصل، ما يفرض ضرورة انتخاب رئيس في اقرب فرصة لان المرحلة التالية قد تكون بالغة الصعوبة.

من هنا تدعو اوساط سياسية، الى ضرورة التنبه في هذه المرحلة بالذات، وعدم الوقوع في افخاخ قد تُنصب للبنان لاستدراجه الى الصراع الاقليمي،تحت عناوين وملفات مختلفة الطابع، نتيجة سير التسوية الاقليمية المؤقتة خلافا لما سعى البعض لتحقيقه والحصول على قطعة من الجبنة السورية في بازار توزيع المصالح والمغانم في دول الشرق الاوسط، خصوصا في ظل التباعد بين اللبنانيين في مقاربة الملفات السياسية الساخنة محليا واقليميا يقابله حرص خارجي على وحدة لبنان الدولة الامنة في مواجهة الارهاب.

في انتظار التحولات الجارية على مساحة المنطقة راسمة معالم المرحلة المقبلة، يعيش لبنان في الانتظار، مع تعطل لغة الكلام السياسي، في بلد لا حدود فيه لمخالفة الدستور والقوانين على يد من يفترض بهم حمايتها، وحيث المواطن متروك لقدر تقدمت عليه متابعات الناس لأخبار تبدو عادة عادية، لكنها أصبحت مميزة في ظل الفراغ السياسي القائم ليس على مستوى الشغور الرئاسي فحسب وإنما ايضا على مستوى عدم الانتاجية الوزارية وفرملة الجلسات النيابية.