أكد أن القوى الصغيرة الرابح الأكبر داخل أقضيتها
ربيع الهبر: القانون الجديد ينزع الخلل ويحسّن التمثيل
لن تأخذ عملية إقرار القانون النسبي على أساس خمس عشرة دائرة اليوم في مجلس النواب كل الأخذ والرد الذي تخلل عملية التوافق عليه وإنجازه. النقاشات والمساءلات ستلخص، وإقراره سيأتي في بند واحد، لتعمد من بعده كل القوى الرسمية والسياسية والحزبية والمدنية والعائلات الى تشغيل محركاتها الانتخابية وإطلاق عمل ماكيناتها التي توقفت على مدى ثماني سنوات. أسلوب جديد سيفرضه القانون النسبي على عمل جميع القوى من التحالفات وتشكيل اللوائح وترتيب الأسماء داخل كل لائحة، وكذلك تصويت الناخبين وصولاً الى طريقة احتساب الأصوات واعلان الفائزين.
الدخول في التفاصيل التقنية يختصر كل الصعوبات التي ستواجه القيّمين على العملية الانتخابية كما المواطنين، على الرغم من أن القانون النسبي سيعكس صحة التمثيل المجتمعية بدقة أعلى وعدل أكثر من أي قانون آخر. يستبعد الخبير الانتخابي ربيع الهبر، بحسب خبرته ودراساته الانتخابية، أن تكفي مهلة السنة للتحضير لإجراء الانتخابات على أساس هذا القانون، مؤكداً أن «الامر صعب ودقيق ومعقد ويحتاج الى ما يفوق العشرة آلاف موظف لتدريبهم». ويضيف: «مما لا شك فيه أن التدريب بحاجة الى جهاز فني متطور يعتمد عليه، في الوقت الذي لا يخلو فيه القانون من المشكلات الجمة التي ستخلفها النسبية»، واصفاً القانون بـ «قانون التسوية بامتياز، ليس الأفضل بل مقبول بالمتاح حالياً وهو بالحد الادنى يصحح التمثيل وينزع نسبياً الخلل الحاصل منذ سنوات».
كانطباع أولي ومبكر، يؤكد الهبر أن «اللبنانيين سيشهدون في اليوم التالي للانخابات مجلساً مختلفاً تماماً. يمكن أن يكون مشابهاً بشكل عام انما الاكيد أن وجوهاً جديدة ستحتل ساحة النجمة للسنوات الست المقبلة، ووجوهاً اعتاد عليها اللبنانيون ستختفي، اضافة الى تمثيل شريحة جديدة مستقلة عن الاحزاب عموماً». وبرأيه فان «الرابح الأكبر هي القوى الصغيرة داخل أقضيتها مثلاً كالعائلات التاريخية في كسروان وجبيل وجزين والتي لم تنجح في الوصول بقانون الستين، وما يساهم في ذلك هو لعبة الصوت التفضيلي والتحالفات والدعاية السياسية»، لافتاً الى أن «الصوت التفضيلي ليس الأساس بل هو يأتي بمثابة اضافة على قيمة الاحزاب من خلال تفضيل أحد مرشحيها، وبالتالي في مناطق الجنوب وبعلبك مثلاً فان لوائح الثنائية الشيعية ستكون الأقوى ومن بعدها يتم احتساب الرابحين منها، أي اذا لم تمثل لائحة فلن يفيدها الصوت التفضيلي، لذا يمكن أن نشهد تغييراً في ممثلي حزب الله وحركة أمل، انما ليس تغييراً فعلياً في تمثيل قضاء بعلبك الهرمل الحزبي».
في المبدأ، يعتمد القانون النسبي على اللوائح بعكس الأكثري الذي يعتمد على الأفراد. فيرفض طلب أي مرشح منفرد قدم الى وزارة الداخلية، وعلى المرشح تحديد لائحة أساسية ينضم اليها، وهذه اللائحة اضافة الى نسبة الـ 40% للترشح التي لحظها القانون يجب عليها أن تضم من كل مذهب في القضاء مقعداً حتى وان كانت غير مكتملة (مثلاً في دائرة المتن لتتمكن أي لائحة من خوض الانتخابات عليها أن تضم مرشحاً مارونياً ومرشحاً أرثوذكسياً ومرشحاً كاثوليكياً ومرشحاً أرمنياً على الأقل) ولا يمكن استثناء أي طائفة من اللائحة لحظها القانون في تقسيم الأقضية. كما يعمد المواطن الى انتخاب لائحة ومن ضمن هذه اللائحة أعطاه القانون حقاً تفضيلياً بصوت واحد على أساس القضاء، مما سينقل المنافسة من اللوائح الى المرشحين داخل كل لائحة وليس المرشحين من لوائح الخصم فحسب. كما يمكن للناخب أن يسقط ورقة الانتخاب في الصندوق من دون تفضيله أي من المرشحين فيها، فيكون صوته محتسباً في ما يخص النسبة التي ستحصل اللائحة بأكملها عليها، فيما اذا عمد الى تعليم اسمين من ضمن اللائحة فتعتبر الورقة ملغاة.
الصوت التفضيلي
يؤكد الهبر أن الاعتراض التي طالت الصوت التفضيلي على أساس القضاء خصوصاً في ما يتعلق بالمسيحيين مثلاً المنتشرين ضمن أقضية بأكثرية اسلامية «غير دقيق، فالقانون لم يلحظ أن يعطى الصوت التفضيلي طائفياً أو مذهبياً بل يعطى على مستوى مرشحي القضاء ككل»، مشيراً الى أن «المسيحيين في هذه الاقضية غير محرومين من صوتهم التفضيلي الذي يمكن أن يمنحوه الى مرشحين مسلمين ضمن أقضيتهم، (في الزهراني مثلاً هناك مرشح مسيحي ميشال موسى الذي يمكن لمسيحيي القضاء منحه صوتهم كما في عاليه يمكن للمسيحيين اعطاء صوتهم التفضيلي لفادي الهبر أو أكرم شهيب أو أي من الرابحين)». ويلاحظ أنه «كلما انحصر الصوت التفضيلي بدوائر صغرى كالقضاء يمكن أن يؤمن تمثيلاً مسيحياً عادلاً أكثر من توسيع الدائرة الانتخابية، والاعتراض على هذا الامر غير موضوعي».
وفي تفسير أوضح، اذا أراد ناخبو كسروان التصويت للنائب الشيعي في قضاء جبيل فستكون النتيجة غير مرضية، أما في القانون الجديد فان مسيحيي جبيل وشيعتها هم من يختارون النائب الشيعي في المدينة بدون تأثير موارنة كسروان، وهكذا يكون التمثيل قد عكس ارادة الناخبين بدقة أكبر.
بتقدير الهبر إن الرقم 50 الذي يسوق له أخيراً لامكانية الاتيان بالنواب المسيحيين من خلال الصوت المسيحي «مبالغ فيه»، موضحاً أن «هذا القانون سيؤمن أقل من 48 نائباً مسيحياً بالأصوات المسيحية». وفيما يرى أن تقسيم بيروت الى دائرتين يأتي «عادلاً بعد كل التشويه الذي أصاب تمثيلها خلال فترة الاحتلال السوري، فالقانون الحالي أعاد العاصمة الى طبيعتها بعكس القوانين السابقة»، يدعو الى ملاحظة القانون أربعة أمور أساسية ستسهل عملية تطبيقه والعمل به: «بالبطاقة الممغنطة من المستحسن أن يكون الاقتراع على أساس الدائرة وليس على أساس مكان سكن المواطن، وعدم الاستغناء عن المندوب، فليس هناك أي ماكينة يمكنها تغطية جميع الاقلام في كل لبنان. وأن تستحدث لجنة إشراف اعلامي واعلاني بأسلوب مهني متطور لا تعمد الى التضليل يوم الانتخاب واعلان النتائج حتى أثناء الأشهر الاخيرة. اما في عمليات الفرز فيجب أن تشرح بطريقة شفافة للناخبين والمرشحين المحتملين سير العملية الانتخابية وادارتها وكيفية احتساب الاصوات ما يوفر مشكلات جمة على أثر اعلان النتائج».
الفرز العمودي
يعتمد القانون الجديد على الفرز العمودي، الا أنه لحظ طريقة «توزين النتائج» ضمن كل قضاء، أي أن أرقام المرشحين ستحول الى نسب ليتم بعدها وضع النسب في الفرز العمودي وليس الأرقام، بحيث سيتم اقتسام مجموع الأصوات التفضيلية في القضاء التي حاز عليها كل مرشح واقتسامها على عدد المقاعد والنسبة التي سيحصل عليها على مستوى الدائرة ككل هي التي ستحدد نجاحه أو خسارته. طريقة احتساب معقدة، تستلزم ماكينات فرز الكترونية، اذ يصعب على رؤساء الاقلام والقيّمين على العملية الانتخابية احتساب الأرقام والنتائج ليلة الانتخابات من دون مكننة.
اما عملية الاحتساب وفرز الأصوات فتأتي على الشكل التالي:
الترشيح يكون على أساس لوائح مغلقة أو غير مكتملة (مثلاً اذا ترشح في قضاء المتن ثلاث لوائح A وB مكتملتين وC غير مكتملة على ثماني مقاعد مع عدد مقترعين بلغ الـ 100000، حصلت اللائحة A على 4.56% من عدد الاصوات واللائحة B على 3.1% من الاصوات واللائحة C على 0.34%. في الاحتساب الأول يتم الغاء اللائحة C التي حازت على عدد الأصوات الأقل، وكذلك مجمل عدد الاصوات التي اقترعت لصالحها أي 3400 صوت، وبالتالي يصبح عدد المقترعين الاجمالي 100000 ناقص 3400 يساوي 96600 مقترع من المحتسب أصواتهم والذين اقترعوا للائحتين الرابحتين. بعدها يتم احتساب عتبة التمثيل أو ما يعرف بالحاصل الانتخابي أي عدد المقترعين يقسم على عدد المقاعد، وبهذه الحالة يكون الحاصل الانتخابي 12075 صوتاً. هكذا تكون اللائحة A قد تمثلت بخمس مقاعد واللائحة B بثلاث مقاعد وذلك بسبب اعتماد القانون على الكسر الأكبر. بعدها يتم احتساب عدد الأصوات التفضيلية التي حاز عليها كل مرشح على حدة. مثلاً في اللائحة A حصل المرشح الاول على 6000 صوت والثاني على 2500 صوت والثالث على 2000 صوت والرابع على 1999 صوتاً والخامس على 1750 صوتاً والسادس على 1600 صوت والسابع على 1000 صوت والثامن على 500 صوت فيكون عدد الاصوات التي حاز عليها مرشحو اللائحة A 17349 صوتاً. وبما أن ربح المرشح يعتمد على النسبة التي حاز عليها وليس عدد الاصوات فعندها يتم قسمة عدد أصوات كل مرشح على مجموع عدد أصوات مرشحي اللائحة، أي مثلاً في حالة المرشح الاول من اللائحة A يحصل على نسبة 34% من الاصوات من خلال قسمة 6000 على 17349. وفي المرحلة الأخيرة من احتساب النتائج يتم ترتيب الاسماء بحسب النسب التي حاز عليها. مثلاً المرشح الاول من اللائحة A ماروني حاز على 34% والثاني من اللائحة A ماروني حاز على 30% والثالث من اللائحة A ماروني حاز على 29% والرابع من اللائحة B ماروني حاز على 28% والخامس أرثوذكسي من اللائحة B حاز على 27% والسادس ماروني من اللائحة A حاز على 25% والسابع ماروني من اللائحة B حاز على 24.5% والثامن كاثوليكي من اللائحة A حاز على 24% والتاسع كاثوليكي من اللائحة B حاز على 22% والعاشر أرمني من اللائحة A حاز على 19% والحادي عشر أرمني من اللائحة B حاز على 18% والثاني عشر أرثوذكسي من اللائحة B حاز على 17% من أصوات المقترعين التفضيلية في القضاء قياساً الى أصوات مجمل لائحته. هنا تعلن أسماء الرابحين الحائزين على النسب الاعلى من التصويت وبحسب مذاهبهم تناسباً مع عدد المقاعد المذهبية لكل قضاء، أي أن الرابحين في هذه الحالة يكونون من اللائحة A ثلاثة موارنة ونائب كاثوليكي ونائب أرمني، فيما تحصل اللائحة B على نائب ماروني واثنين أرثوذكس، في قضاء حددت عدد مقاعده بأربعة للموارنة واثنين للأرثوذكس وواحد كاثوليكي وواحد أرمني.
ويشير الهبر الى أن عملية احتساب الرابحين عمودياً قد تسبب ربح مرشح من مذهب معين حاز على نسبة أصوات أقل من مرشح خاسر من المذهب نفسه، وكان بالامكان تفادي هذا الموضوع من خلال عملية الاحتساب الأفقية وليس العمودية.
في الاصلاحات
من اللافت كان إقرار البطاقة الممغنطة التي سيقترع على أساسها الناخبون، ويشرح الهبر طريقة استعمالها: «يكون هناك جهاز إلكتروني يقرأ البطاقة ليتم حذف المقترع وبعدها يدلي بصوته داخل الستار»، الا أن «المشكلة في هذه البطاقة أن على المواطن أن يستلمها شخصياً وبالتالي على وزارة الداخلية أن تصدر بطاقات على لوائح الشطب ومن دون صورة أو استعمال الصور الموجودة في الارشيف وعلى بطاقات الهوية مما يصعب عملية الابتزاز الانتخابي». ويلفت الى أنه «بالاضافة الى جهاز البطاقة هناك جهاز الكتروني خاص لقراءة النتائج فور التصويت ما يسهل عملية احتساب الاصوات، بحيث من المرجح أن تكون كل أقلام الاقتراع على الاراضي اللبنانية مربوطة بشبكة واحدة، الا أن هذه العملية يمكن أن تكون مفيدة للأنظمة الرئاسية حيث يعمد الشعب كله الى الاقتراع لمرشحين وليس مفصلاً على قياس أقضية ومذاهب وأسماء ولوائح كما في لبنان. مثلاً في فرنسا والولايات المتحدة تصدر النتائج بعد أقل من ساعة من إقفال صناديق الاقتراع، لأن الاقتراع محصور بين مرشحين أو ثلاثة أو أربعة على أبعد تقدير على كل الاراضي».
اما حرمان القانون من بند الكوتا النسائية، فيمكن مواجهته بحسب الهبر بكل واقعية وأسلوب عملي وفاعل «من خلال الالتزام الاختياري بالكوتا في اللوائح المشكلة أو تكتل لوائح نسائية في الاقضية للترشح تخوض الانتخابات، ولا شك أن في استطاعتها التأثير بالحد الادنى على النتائج». وكذلك «لا بد من التنويه بإقرار بند الورقة المطبوعة سلفاً التي تساهم بفاعلية في اضمحلال التأثير والابتزاز الانتخابي والخدماتي التاريخي في لبنان، فالأوراق ستكون مطبوعة في وزارة الداخلية حيث أن الاسماء سترد جميعها بترتيب واحد ومعروف ومن دون اشارات خاصة بالمرشحين لاكتشاف هوية ناخبيهم في ما بعد»