Site icon IMLebanon

سباق بين التهدئة والتصعيد لا يعطل الحكومة

على الرغم من تصاعد السجال الوزاري حول ميثاقية حكومة «المصلحة الوطنية» واستمرار الضغط في اتجاه تعديل آلية العمل الحكومي وتغيير قواعد المعادلة الحالية، فإن بحثاً جدياً يُسجّل منذ أيام في كواليس 8 آذار وتحديداً في أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري، لإيجاد حدّ أدنى للتوافق بين «التيار الوطني الحر» والأطراف الوزارية. وقد كشفت أوساط نيابية قريبة من عين التينة أن المساعي انطلقت منذ الأسبوع الماضي للوقوف في وجه تطوّر موجة التصعيد التي قد تدفع إلى انهيار الحكومة وتؤدي إلى زيادة التعقيدات في مسار التسوية التي يعمل عليها أركان الحوار الوطني. وقالت هذه الأوساط، أن المساعي تنشط عبر أكثر من وسيط في الحفاظ على المعادلة الحكومية الحالية والحؤول دون تطوّر المقاطعة المعلنة لوزيري تكتّل «التغيير والإصلاح» إلى استقالة نهائية. وإذ استبعدت بروز أي تطوّر سلبي من قبل فريقي النزاع حول التعيينات العسكرية في المرحلة الفاصلة عن جلسة الحوار المقبلة في عين التينة، وجدت أن التهدئة هي المعبر الضروري لنجاح الإتصالات السياسية الجارية على أكثر من محور، وإن كانت أية مؤشّرات لم تظهر بعد. كذلك، لفتت إلى أن إصرار كل الأفرقاء على التمسّك بالحوار لمعالجة الخلافات يبقي المجال مفتوحاً على أي مبادرة قد تُطلق في هذا الإطار، كما أنه يحمل دلالات واضحة على رفض الجميع الذهاب نحو المجهول، خاصة على صعيد تفريغ الحكومة من مكوّناتها الأساسية عبر الإستقالة.

من جهة أخرى، تحدّثت مصادر وزارية مطّلعة عن صعوبة ترميم التصدّع الحكومي في الوقت الراهن نظراً لما يتوافر من معطيات حول موقف رئيس الحكومة تمام سلام الذي رفض أن يتحوّل إلى طرف في الخلاف حول التمديد للقيادات العسكرية. وأوضحت أن التسويات لم تعد مقبولة، وخصوصاً وأن التصعيد يتكرّر عند أي محطة يفترض أن يتّخذ فيها مجلس الوزراء موقفاً حاسماً يؤدي إلى منع حصول أي فراغ في موقع بارز قد يضاف إلى الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية ويساهم في تعميق المأزق السياسي في البلاد.

وأكدت المصادر الوزارية نفسها، أن الحكومة ستواصل عملها بالتوازي مع استكمال المحاولات الناشطة للملمة صفوفها، وذلك انطلاقاً من كونها ضرورة وطنية لكل الأطراف السياسية المشاركة والمقاطعة للجلسات الوزارية. وأشارت إلى أن أي تصعيد في المرحلة المقبلة لن يؤدي إلى تجميد النشاط الحكومي، أو إلى تأجيل مرتقب لأي جلسة محدّدة لمجلس الوزراء بعد نهاية العطلة الراهنة.

ومن ضمن هذا السياق، رفضت المصادر الوزارية نفسها، كل حملات الإتهام لفريق سياسي معيّن بتشويه الأداء الحكومي، واعتبرت أن أي تعطيل لمجلس الوزراء سيدفع ثمنه المواطنون فقط بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية، وذلك لأن شؤونهم اليومية هي التي ستتعرّض للتعطيل والشلل. كذلك لاحظت المصادر نفسها، أن خطوطاً حمراء قد رُسمت للحكومة بفعل واقع الشغور الرئاسي، وعلى كل المكوّنات الوزارية عدم تجاوز هذه الخطوط لأن هذا الأمر سيهدّد الجميع من دون استثناء. وخلصت إلى أن الحكومة قد تبدو وكأنها على مفترق طرق لتحديد مسارها، وذلك في ضوء احتمال استمرار مقاطعة وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح»، ولكنها أكدت أن ذلك لن يحول دون استمرار عملها حتى نضوج التسوية السياسية الشاملة.