IMLebanon

سباق فرنسي فاتيكاني لحلّ العقدة الرئاسية اللبنانية

زيارة رابعة لجيرو إلى طهران

سباق فرنسي فاتيكاني لحلّ العقدة الرئاسية اللبنانية

يزور إيران في النصف الأول من الشهر الحالي، مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا جيرو، وهي الزيارة الرابعة على التوالي استكمالاً لمحاولات فرنسية بلعب دور رئيس في ساحات الشرق الأوسط، خصوصاً في لبنان سوريا والعراق كما في ليبيا والساحل الأفريقي، حيث تنتشر قوات فرنسية في مالي وفي أفريقيا الوسطى والأمر سيّان في اليمن الذي تخاف فرنسا من خطر تقسيمه ومن حرب أهلية مستعرة وطويلة الأمد فيه تؤثر مباشرة على مصالحها، خصوصاً مع وجود شركة «توتال» الفرنسية في صنعاء.

وتسعى فرنسا لأن تشكّل جسر عبور بين إيران والسعودية، لكن بالرغم من عدم ثقة طهران بسياسة باريس، فإن دوائر وزارة الخارجية الإيرانية، ستستقبل جيرو للمرّة الرابعة في طهران، حيث سيثير الملفات الشائكة المذكورة، في توقيت لا يبدو أنه منفصل عن مسار الرابع والعشرين من تشرين الثاني المقبل.

يصدّر الفرنسيون مناخاً يفيد بأنّ مفتاح الرئاسة اللبنانية هو بيد إيران التي تنسّق موقفها مع «حزب الله»، وهم يتهمون الحزب بالتباطؤ حالياً في الدّفع باتجاه إجراء الاستحقاق الرئاسي اللبناني في انتظار ما ستؤول اليه المفاوضات بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحداً التي تنتهي جولتها الثانية في 24 تشرين الحالي. في هذا الإطار، يتوقع ديبلوماسي غربي واسع الإطلاع لـ«السفير» أرجحية تمديد المفاوضات للمرّة الثالثة، مستدركاً بأنّ أيّ اتفاق غير معلن بين الجانبين سيظهر حتماً انفراجات في ساحات عدّة.

يعرف الفرنسيون أن لإيران دوراً محورياً في الملف اللبناني وأنه وسط ترابط الملفات في المنطقة يصعب إيجاد حلّ لبناني صرف بعيداً من التجاذبات الحاصلة، لكن الأمل يحدوهم دوماً بإيجاد دينامية لبنانية داخلية قادرة على اجتراح معجزة مع اقتراب موعد الاتفاق المأمول بين إيران ودول 5+1، وهذا ما يفسّر «الغليان» الماروني حالياً بدفع من فرنسا والفاتيكان طمعاً بانتخاب رئيس قبل عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني.

يدرك الفرنسيون أن أية دينامية لبنانية داخلية صعبة المنال أيضاً لأن الاتفاق على رئيس لبناني سيتضمّن أيضا الاتفاق على سلّة متكاملة منها قانون الانتخابات النيابية والتوازنات داخل السّلطة و«أجندة» العهد الرئاسي المقبل، فموضوع الرئاسة لا يمكن فصله عن التوازنات بين إيران والسعوديّة في المنطقة ومنها لبنان.

ويعتقد الفرنسيون أنّ أيّ اتفاق نووي في 24 تشرين الثاني المقبل سيدفع إيران الى تسهيل الأمور في ساحات عدة، ومنها لبنان، أما إذا تعذّر الاتفاق فإننا أمام واحد من احتمالين: إما الإبقاء على «الستاتيكو» الحالي في انتظار تبلور المفاوضات مع ما يرافق هذا «الستاتيكو» من شدّ أصابع أو حصول تصعيد دراماتيكي في لبنان وبالتالي فإن الاحتمالات كلّها قائمة.

ثمة ارتباك واضح في المواقف الفرنسية إزاء المنطقة، بحيث كان الفرنسيون أول مَن طالبوا (بعد الأتراك) بمنطقة عازلة (آمنة) في شمال سوريا ومنها بلدة عين عرب الكردية (كوباني) ثم سحبوا اقتراحهم في ضوء الضغط الأميركي، لأن الموضوع كان لا يزال في إطار التفاوض التركي مع الأميركيين ثم نفى البنتاغون أي قبول أميركي بمنطقة عازلة لأنه سيؤدي الى تبدّل في استراتيجية الولايات المتحدة العسكرية التي لا ترغب لغاية الآن بإسقاط نظام بشار الأسد بالقوّة العسكريّة.

وتحاول الديبلوماسية الفرنسية من خلال حواراتها المستمرّة مع طهران أن تكون جسراً بين جهات عدّة منها السعوديّة وتحديداً في الملفّ اللبناني الذي سيكون على «أجندة» محادثات جيرو، بالاضافة الى ملفات سوريا والعراق واليمن.

تجدر الاشارة الى أنّ الثقة الإيرانية بالفرنسيين غير راسخة، فقد طلبت إيران من فرنسا رفع مستوى المحادثات معها الى مستوى نائب وزير فلا تكون على مستوى مدير شؤون الشرق الأوسط، لكنّ الفرنسيين رفضوا ذلك، لأنهم يعتبرون أن التوقيت غير مناسب بعد ولأنّ رفع مستوى المشاورات يعطي اهمية أكبر للعلاقات مع الدولة المعنية ما يعني أنّ ثمة تشكيكاً فرنسياً بإيران فضلاً عن خضوع فرنسا لضغوط اللوبي الإسرائيلي، وهذا ما تعرفه إيران جيّداً وتعطي فرنسا مقدار ما تعطيها بحسب الديبلوماسي الغربي الذي يشير الى أنّ مرحلة بناء الثقة بين فرنسا وإيران لا تزال في بداياتها.