IMLebanon

سباق العواصف السلبية في لبنان

دائماً في لبنان هناك سباق، لكن يبقى الإختلاف على نوعيته أو حتى على تسميته:

أحدث السباقات هو بين العواصف سواء الطبيعية منها أو السياسية أو العسكرية أو الأمنية.

ما يشهده لبنان هذه الأيام هو عيِّنة من هذه السباقات التي تقضُّ مضاجع اللبنانيين بسلبياتها:

العواصف الطبيعية تسابق السياسية في إحداث الأضرار العامة، والإضرار بالناس. بلدٌ كلَّفت بناه التحتية مليارات الدولارات، أدى تقاعس وزارة الأشغال العامة فيه، التي تعاقبت عليها العهود، الى خراب البنى التحتية، حتى صارت لا تحتمل عيانة شتي فكيف لو كان بلداً على خط الزلازل والأعاصير والتسونامي فماذا يفعل؟

بالأمس هبَّت عاصفة هوائية، لم يبقَ منزلٌ في لبنان إلا وغرق في العتمة، ربما لأنَّ المعنيين كانوا غارقين بالإحتفال بالتوصل إلى الإتفاق بين وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان والمياومين، وجاء هذا الإتفاق على رؤوس الناس، أي على رؤوس الضحايا الذين يدفعون ثمن الخلافات كما ثمن الإتفاقات، هؤلاء الضحايا يسألون، سواء وزارة الطاقة أو مؤسسة كهرباء لبنان أو المياومين:

ما نفع إتفاقكم إذا كنتم لا تؤمِّنون الكهرباء للناس؟

ما ينطبق على العاصفة الطبيعية، ينطبق على العاصفة السياسية التي ليست بأفضل حال من الطبيعية، سبب العاصفة السياسية، أنَّ الحوار الذي جرى التهليل له على أنَّه سيبدأ هذا الأسبوع، لن يُبصِر النور، وما توافر من معلومات موثوقة:

أنَّ الأمور لن تنضج لا على مستوى بنود الحوار التي ستتم مناقشتها، ولا على مستوى الأشخاص الذين سيتولون الحوار، ولا على مستوى المكان الذي سيجري فيه الحوار. وتتابع هذه المصادر:

هذا يعني أنَّ الحوار لم تنضج ظروفه بعد، إذ لو كانت الظروف ناضجة لكانت كلُّ الإهتمامات الأخرى قد توقَّفت لمصلحة إنطلاق الحوار.

ومن عاصفة الحوار إلى العواصف الميدانية والأمنيَّة والعسكرية، وفي مقدَّمها قضية العسكريين المخطوفين:

لا مؤشرات تدل، وللأسف، على أنَّ هذا الملف سيبلغ خواتيمه السعيدة قريباً، وقد جاء انسحاب الوسيط القطري من دور الوساطة ليزيد الطين بلة وليضاعف من معاناة العسكريين وأهاليهم على حدٍّ سواء، وليُثبِت مرةً جديدة أنَّ عدم انسجام أعضاء السلطة التنفيذية مع بعضهم البعض هو الذي ضاعف من هذه المعاناة.

هكذا هناك سباقات سلبية على كلِّ المستويات، والمواطن لا يملك حيالها سوى دور المتفرِّج العاجز عن القيام بأيِّ شيء، فإذا كانت إدارات الدولة هي العاجزة فكيف بوضع المواطن الذي لا يملك أي مقومات للإستمرارية؟

المؤسف في كلِّ ما يجري أنَّ المواطن لم يعد يملك أيَّ أسلوبٍ من أساليب المواجهة، لأنَّ الدولة أغرقته بيوميات لم يعد قادراً على التفلُّت منها. المواطن محاصَر بكلِّ أنواع السلبيات:

من معاناته مع الكهرباء، إلى مأساته حيال المواد الغذائية الفاسدة، إلى أمنه غير المستقر في أكثر من منطقة لبنانية، إلى مستقبل وضعه السياسي الذي يتدهور من سيئ إلى أسوأ. كلُّ هذه السلبيات تتراكم وتتجمَّع في ما تبقَّى من أيام لهذه السنة، لكنَّ المشكلة أنَّ السنة التي تقترب من النهاية لن تأخذ المشاكل معها بل ستورثها إلى السنة الآتية، وهي ستكون سنة المشاكل المضاعفة والمعالجات النادرة.