IMLebanon

ذكرى الرشيد الشهيد

 

 

مرّت، أمس، ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي في تلك الجريمة الإرهابية الشنيعة (الأول من حزيران 1987) لتبقى ماثلة في الأذهان عنواناً للوحشية المتمادية، إذ لا يُعقل أن يفكر أي لبناني سوي، عاقل، وطني بأن يقدم على ارتكاب هكذا فعلة ضد رجل لم يُعرف عنه أنه أذى نملة في حياته! وليبقى الرشيد خالداً في الوطن والتاريخ والمنطقة العربية والشرق أوسطية كأحد كبار رجال الدولة.

 

هذا الوجه السياسي البهي، وهذه القامة السياسية العملاقة، وهذه الزعامة الشعببة الكبيرة، وهذه العروبة الصافية (…) لا يمكن إلّا أن تبقى واحدة من أكثر صفحات التاريخ اللبناني الحديث إشراقاً.

 

ثمان مرات رئيساً للوزراء بدءاً من العام 1955في عهد الرئيس كميل شمعون، وكان رشيد أفندي في الرابعة والثلاثين من عمره، وقال لنا ذات يوم: «لم انسَ هذه البادرة النبيلة من فخامة الرئيس كميل شمعون، الذي كان صديقاً لوالدي، وترسخت صداقتهما في معتَقَل قلعة راشيا يوم أسر المنتدب الفرنسي القادة الوطنيين وزج بهم هناك، يومها اضطر والدي إلى رداء بديل بسبب اعتقاله على حين غرة، فقدم له شمعون البدلة «الفرنجي» ومن يومها بدل والدي أسلوب لباسه، ولم يتخلَّ عن «الكرافات» حتى وفاته».

 

كان المغفور له رشيد كرامي رجل دولة من الطراز الرفيع، ولم يُعرف عنه أنه سمح لأحد أن يستثيره، فكان يضبط أعصابه إلى أبعد الحدود، وكان ذكياً لمّاعاً، وفي الجلسات النيابية للمناقشة العامة وأيضاً في جلسات الثقة بالحكومة التي تمتد أياماً لم يكن يسجل أي كلمة أو إشارة، وفي الكلمة النهائية قبل التصويت كان يقف على المنبر، ويرد على كل ما ورد على ألسنة النواب من انتقاد ومآخذ على حكومته…

 

وكان رشيد كرامي مبالغاً في الحرص على أموال الخزانة العامة حرصاً شديداً، وهو الذي شغل حقيبة وزارة المال مرات عديدة.

 

لا تتسع هذه العجالة لتعداد مزايا الأفندي، ولا التحدث عن ديموقراطيته بالممارسة بالقول والفعل، ولا بتجربتنا الشخصية مع الرشيد… فلروحه الطاهرة ألف تحية وسلام، خصوصاً أننا نفتقد البدر في هذا الليل اللبناني الدامس والطويل.