60 يوماً على الشغور الرئاسي و219 يوماً على حكومة تصريف الأعمال
ستون يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، الذي يعيش كل أنواع الأزمات، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا بنجاح، بينما تستمر حكومة تصريف الأعمال في مهامها منذ بدء ولاية مجلس نواب 2022 في 22 أيار، أي منذ نحو 219 يوما، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه فيصل الى 48 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، ثم ينخفض الى 42 ألفا، من دون أن يسجل أي تراجع في الأسعار مع تدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية، ويرحل العام 2022 الذي لم يتبق منه سوى يومان، وبعد عشر جلسات انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، لينتقل الشغور الرئاسي الى العام 2023، ليستمر عدّاد الشغور بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليه «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، وبالتالي، فإن التدخلات الخارجية في انتخابات رئيس الجمهورية قديمة منذ انتخاب أول رئيس للبنان عام 1926 في زمن الانتداب الفرنسي.
وها هي اليوم تتكثف التحركات والمواقف والتصريحات والدعوات الدولية لإنجاز هذا الاستحقاق، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على تنفيذ الإصلاحات التي يحتاج اليها لبنان بشدّة، من دون أي ترجمة عملية على أرض الواقع السياسي اللبناني المشتت.
بأي حال رغم كل ذلك، فإن «كلمة السر» الحاسمة لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا».
إذا كان لبنان قد واجه منذ الاستقلال عام 1943 الأزمات والحروب الأهلية، على نحو ما حصل في أعوام 1952، 1958، 1969، 1975 حتى 1989، ومنذ 2005 حتى الآن، بما يعني أن الأزمات كانت متلاحقة وتختلف حدّتها من حدث الى آخر، وكما أكدت كل التجارب التي مرَّ بها لبنان، فإن الزعماء الأقوياء يبنون دولة قوية، والدولة تكون قوية بمواطنيها لا بطوائفها وعشائرها، والزعيم الحقيقي لا يخاف من شعبه، ولا يخشى خسارة مقعد نيابي أو وزاري من أجل تكريس حقوق المواطنة على أساس المساواة في الحقوق والواجبات، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا على أساس قانون انتخاب عصري ومتطور وحديث يساوي بين المواطنين والناخبين والمرشحين، ويتيح للناخب أن يقترع حيث يقيم (الميغاسنتر)، إضافة الى تطوير الإدارة وتحديثها وتعزيز دور هيئات الرقابة ومكافحة الفساد والهدر والرشوة، وقيام القضاء المستقل وغيرها الكثير من الأمور التي تجعل الدولة في خدمة المواطن وتعتمد التنمية الحقيقية.
لقد عرف لبنان منذ الاستقلال عام 1943 حتى الآن 77 حكومة تراوح عدد أعضائها بين 3 وزراء و30 وزيرا، فقبل الطائف كانت أكبر حكومة تلك التي ترأسها الرئيس تقي الدين الصلح (8 تموز 1973 – 31 تشرين الأول 1974) وتألفت من 22 وزيرا، وقبلها كانت كل حكومة من 18 وزيرا أو 16 وزيرا تعتبر حكومة موسعة.
وإذا كان لا بد ملاحظة لافتة هنا، نشير الى أن الرئيس الشهيد رشيد كرامي ترأس حكومات في عهود خمسة رؤساء هم: كميل شمعون، فؤاد شهاب، شارل حلو، سليمان فرنجية، وأمين الجميل. على الشكل الآتي:
1- من 19/09/1955 الى 19/03/1956 في عهد الرئيس كميل شمعون.
2- من 24/09/1958 الى 14/10/1958 في عهد الرئيس فؤاد شهاب.
3- من 14/10/1958 الى 14/05/1960 في عهد الرئيس فؤاد شهاب.
4- من 31/10/1961 الى 20/02/1964 في عهد الرئيس فؤاد شهاب.
5- من 25/07/1965 الى 09/04/1966 في عهد الرئيس شارل حلو.
6- من 06/12/1966 الى 08/02/1968 في عهد الرئيس شارل حلو.
7- من 15/01/1969 الى 25/11/1969 في عهد الرئيس شارل حلو.
8- من 25/11/1969 الى 13/10/1970 في عهد الرئيس شارل حلو.
9- من 01/07/1975 الى 09/12/1976 في عهد الرئيس سليمان فرنجية.
10- من 30/04/1984 الى 01/06/1987 في عهد الرئيس أمين الجميل.
{ بعد اغتيال الرئيس رشيد كرامي في 01/06/1987 تسلّم الرئيس سليم الحص رئاسة الحكومة بالوكالة.
بعد الطائف
وبعد بدء مسيرة اتفاق الطائف عرف لبنان 20 حكومة كان أولها برئاسة الرئيس سليم الحص وتشكّلت من 14 وزيرا وصدرت مراسيم تشكيلها في 25 تشرين الثاني 1989 ومراسيم قبول استقالتها في 24 كانون الأول 1990، لتخلفها حكومة برئاسة الرئيس عمر كرامي، مدشّنة عهد الحكومات الثلاثينية وصدرت مراسيم تأليفها بنفس المرسوم أما مرسوم استقالتها فصدر في 16 أيار 1992 مترافقا مع مرسوم تشكيل حكومة برئاسة الرئيس رشيد الصلح من 24 وزيرا، فأشرفت على الانتخابات النيابية في خريف ذاك العام، وقد صدر مرسوم استقالة الصلح في 31 تشرين الأول 1992 مترافقا مع مرسوم تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس رفيق الحريري، الذي شكّل في عهد الطائف خمس حكومات منذ 1992 حتى 26 تشرين الأول 2004، كانت كلها ثلاثينية وتخللها حكومة واحدة برئاسة الرئيس سليم الحص صدرت مراسيم تشكيلها في 4 كانون الأول 1998 وتألفت من 16 وزيرا.
وبعد حكومات الرئيس رفيق الحريري كانت حكومة ثلاثينية ثانية برئاسة الرئيس عمر كرامي التي صدرت مراسم تشكيلها في 26 تشرين الأول 2004 وفي 14 شباط 2005 كان زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ليستقيل على إثرها الرئيس كرامي الذي صدرت مراسيم استقالة حكومته في 19 نيسان مترافقة مع مراسيم تشكيل حكومة جديدة من 24 وزيرا برئاسة فؤاد السنيورة التي صدرت مراسيم استقالتها، في 11 تموز 2008، بعد اتفاق الدوحة، مترافقة مع مراسيم تشكيل حكومة جديدة من ثلاثين وزيرا برئاسة السنيورة، استمرت الى ما بعد لانتخابات النيابية عام 2009 وبدء ولاية مجلس النواب الجديد، حيث صدرت مراسيم استقالتها في 9 تشرين الثاني 2009 مترافقة مع مراسيم تشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري من ثلاثين وزيرا استقال منها ثلث وزرائها زائدا واحدا، فاعتبرت دستوريا مستقيلة وصدرت مراسيم هذه الاستقالة في 13 حزيران 2011 مترافقة مع مراسيم حكومة ميقاتية جديدة من 30 وزيرا وقد استمرت هذه الحكومة حتى صدور مراسيم استقالتها في 15 شباط 2014 مترافقة مع مراسيم تشكيل حكومة جديدة براسة تمام سلام من 24 جديدا علما ان هذه الحكومة قد ولدت بعد 315 يوما من تكليف سلام بتشكيل الحكومة.
أعقب هذه الحكومة ثلاثينيات برئاسة سعد الحريري استمرتا من 18 كانون الأول 2016 حتى 21 كانون الثاني 2020، ليعقبها حكومة برئاسة الدكتور حسان دياب مؤلفة من 20 وزيرا وقد صدرت مراسيم استقالة هذه الحكومة في 10 أيلول 2021 بعد ان أمضت نحو 13 شهرا بتصريف الأعمال مترافقة مع مراسيم تشكيل الحكومة الميقاتية المؤلفة من 24 وزيرا وتستمر الآن كحكومة تصريف أعمال بانتظار انتخاب رئيس جمهورية جديد.