في السبت الأول من شهر تموز الجاري(2017) لبى دعوة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي إلى لقاء موسَّع روحي سياسي إستضافه في جامعة «سيدة اللويزة»، رموز الطوائف اللبنانية ونخبة من أهل الفكر والدبلوماسيان سفير مصر لدى لبنان نزيه النجاري والسفير البابوي بصفة كونهما ممثليْ مصر الأزهرية وحاضرة الفاتيكان، اللتيْن تنشدان وفي حراك ملحوظ تحقيق حوار متقدم يساعد في التصدي بالعقل والترشيد لظاهرة الإرهاب وما حدث على هامشها من عمليات تهجير وتغيير في الهوية السكانية جغرافياً لبلدات كثيرة.
ربما ما كان للقاء أن ينعقد لولا الزيارة التاريخية للبابا بنديكتوس إلى مصر يوم الجمعة 28 نيسان 2017 ومساهمته، إنسجاماً مع الترحيب الذي لقيه رسمياً وأزهرياً وكانت لحظة العناق بينه وبين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيِّب إحدى مظاهر ذلك الترحيب، في تخفيف الآلام النفسية لدى مسيحيي المحروسة من الآثار الناشئة عن عملية إرهابية ضد مراكز عبادة وإستهداف زوار أديرة. كما أن زيارة الحبر الأعظم أحدثت مشاعر طمأنينة في معظم الدول العربية حيث هنالك حالات من القلق لدى المسيحيين من مواطني تلك الدول. ومع أن القلق في لبنان غير حاصل عدا كلام باسيلي بين الحين والآخر تتسم بعض مفرداته بالشحن المذهبي، إلاّ أن البطريرك الراعي الذي طالما زاده طمأنينة الكلام الذي سمعه – أيام كان ما زال مطراناً- من الرئيس رفيق الحريري رحمة الله عليه، إرتأى في ضوء جولات من التشاور في رحاب الحاضرة الفاتيكانية، أن يروي «إعلان الأزهر» بقطرات لبنانية فكانت دعوته المشار إليها التي إنتهت «إعلان اللويزة» يأخذ مكانه إلى جانب «إعلان الأزهر» عسى ولعل يساعد الإعلانان المدوَّنان من جانب مستقيمي الرأي في تقليص مساحة الضغائن والإقتراب أكثر من الوعي الوطني المحروس من ثقافة التسامح والخشية من رب العالمين على نحو ما تحويه صفحات الكتب السماوية من دعوات إلى الصلاح وخير العمل.
في «إعلان اللويزة» دعوة أكثر منها مجرد إقتراح، إلى «تجديد السعي والعمل على جعْل لبنان مركزاً دولياً لحوار الأديان والثقافات والحضارات بما يخدم العالم العربي والعلاقات المسيحية- الإسلامية في العالم…».
هذه الدعوة من جانب البطريرك الراعي تجعلنا نستحضر المبادرة التي كان موضوعها يشغل بال الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز (قبل مبايعته ملكاً يوم الثلاثاء 2 . 8. 2005) ولطالما كنا نلمس إنشغال البال هذا لدى الملك عبدالله في سنوات ولايته للعهد عندما نكون في مجلس الشيخ عبد العزيز التويجري رحمة الله عليه كون أبو عبد المحسن هو الأقرب إلى رؤى أبو متعب وما يتطلع إلى تحقيقه ومنها أن يكون هنالك مركز للحوار الديني السماوي. ثم كما الكثير من الأفكار والخطوات الرائدة وغير المسبوقة وجَّه بتحقيق الفكرة على أن يكون طابع الحياد الديني هو الأساس. وتم إختيار فيينا كونها من عواصم الحياد في العالم أن تكون المقر للتسمية المدروسة للفكرة المبتغاة وهي «مركز الملك عبدالله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات»وبأن يكون أمينها العام فيصل بن عبد الرحمن بن معمر. وبحضور سياسي – فكري- أكاديمي- ديني- إعلامي – دبلوماسي، عقد المركز مؤتمره الأول وكان الفاتيكان ممثَّلاً بصفة عضو مراقب، كما أن كلاً من أسبانيا والنمسا كانتا شريكتيْن في التأسيس.
وهكذا تكون ضاعت على لبنان فرصة أن تكون بيروت هي مقر هذا المركز وهو ما كان يتمناه الملك عبدالله بن عبد العزيز. أما لماذا ضاعت هذه الفرصة وغيرها كثير من فرص الإشعاع التي تليق بلبنان العاصمة والوطن.
فللحديث بقية…