IMLebanon

رفح نضجت… والتالي هو الضفة أم لبنان؟

 

 

اليوم، 23 نيسان، يبدأ الإسرائيليون احتفالات الفصح اليهودي، التي تمتد على مدى 7 أيام، أي تستمر حتى 30 من الجاري. وبالتأكيد، سيحافظ الإسرائيليون خلال العيد على حدّ أدنى من الأنشطة العسكرية على جبهتي غزة وجنوب لبنان. ولكن، قد تشهد القدس والضفة الغربية مناخاً أكثر توتراً بسبب المواجهات التي قد تنشأ حول المسجد الأقصى، على خلفية النزعة الإسرائيلية إلى التهويد.

من سخريات القدر أنّ معنى الفصح اليهودي هو الاحتفال بذكرى خروج اليهود من مصر، هرباً من الفرعون، بقيادة النبي موسى، فيما ينتظر الإسرائيليون مرور العيد للانطلاق في خطة تهجير معاكس للفلسطينيين الذين حُشروا في رفح، نحو سيناء.

ومن المثير أنّ الإسرائيليين أرجأوا العملية لمرور فصحهم اليهودي، كما انتظر الإيرانيون الرّد على عملية قصف القنصلية في دمشق، حتى مرور عيد الفطر، ووجد الفلسطينيون أنفسهم أمام فرصة لمساحة هدوء نسبي وتفاوض خلال أعياد الفطر والفصحين المسيحي واليهودي.
الآن، تنقضي فترة الأعياد التي تعني هؤلاء جميعاً. ومن الواضح أنّ الإسرائيليين على وشك الانطلاق في عمليتهم التي يصرّون عليها في رفح، والتي لا يرون أنفسهم قادرين على وقف الحرب في غزة إلّا بتنفيذها.
هناك 3 مشكلات بقيت تعترض اقتحام رفح حتى الساعة، هي:
1 – الضغط الهائل الذي تمارسه الولايات المتحدة والغرب والعرب على بنيامين نتنياهو لتجنّب ارتكاب مجزرة غير مسبوقة في التاريخ، بالمدنيين الفلسطينيين.
2 – الضغط الذي يمارسه ذوو الرهائن على نتنياهو لتأمين الإفراج عنهم قبل عملية رفح، لئلا يكونوا وقوداً لها.
3 – موقف مصر الرافض تهجير نحو مليون فلسطيني إلى أراضيها.
خلال الأيام الأخيرة، عمل نتنياهو على تسويق مخارج للمآزق الثلاثة:
1 – للحدّ من حجم الضحايا المدنيين في رفح، يتجّه إلى اعتماد خطة لـ»بعثرة» نحو مليون مدني. وتقضي الخطة بإقامة عشرات الآلاف من الخيام الجديدة خارج رفح، ودفع جزء من المدنيين إليها. وكذلك، تمكين جزء آخر من العودة إلى مناطق الشمال، كما سينزح كثيرون عبر خط فيلادلفيا إلى سيناء، تحت ضغط العمليات العسكرية. وفي هذا السياق، يبرز ما أعلنه وزير خارجية مصر سامح شكري الذي يجري محادثات في اسطنبول، تمهّد لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إذ قال إنّ مصر ترفض نزوح الأهالي من رفح، لكنها ستتخذ الإجراءات التي تفرضها الدواعي الإنسانية. وقد فُهم هذا الموقف إشارة إلى احتمال قبول القاهرة بفتح المعبر لإنقاذ السكان من الموت.

2 – بدأت تُسرَّب معلومات عن اعتماد الجيش الإسرائيلي خطة تقسيم رفح إلى مربعات، بحيث يتمّ إنهاء العمليات في كل منها قبل الانتقال إلى آخر. وهذا الأمر يتيح للسكان في كل مربع الخروج قبل وصول النيران إليهم.
3 – بدأ الإسرائيليون يوزعون معلومات مفادها أنّ عدد الأسرى والرهائن الأحياء لدى «حماس» لم يعد يتجاوز الـ40 من أصل 133. وهذا التصغير المتعمّد للعدد، بمعزل عمّا إذا كان دقيقاً أم لا، يهدف إلى زرع فكرة لدى الرأي العام الإسرائيلي مفادها أنّ عدد الأحياء لم يعد يستحق التضحيات الكبرى بمصالح إسرائيل، وإعاقة مخططات جيشها للقضاء التام على حركة «حماس».
في أي حال، أعلن نتنياهو أنّ مجلس الحرب قرّر إطلاق العملية قريباً، وأنّ الجيش بات مستعداً لها. وفي تقدير الخبراء أنّ تقاطع العوامل العسكرية والسياسية يرجح حصولها في أي لحظة بعد انتهاء الفصح اليهودي، أي بدءاً من مطلع أيار، خصوصاً إذا استطاع نتنياهو إقناع إدارة جو بايدن بأنّ العملية ستستهدف «حماس» حصراً، وإذا أشرَك الخبراء الأميركيين في التخطيط والتنفيذ.
في الأثناء، ثمة من يخشى أن يقوم نتنياهو بتحضير للجبهة التي ستلي رفح. وقد يعتقد البعض أنّها ستكون مع لبنان. لكن الأقرب إلى تفكير حكومة اليمين واليمين المتطرّف هو الضفة الغربية، لأنّ هاجس إسرائيل الأساسي هو تصفية القضية الفلسطينية، وأما المتبقي فهو يتحمّل التأجيل.