Site icon IMLebanon

إقتراح «يهودي»: لفك رفح من فكّي «الترانسفير» و«تجميد التطبيع»؟!

 

 

لم تغب اي دولة في العالم عن التحذير مما يُدبّر لمدينة رفح من عملية «ترانسفير» لما تبقّى فيها من فلسطينيي قطاع غزة، بهدف تفكيك 4 كتائب تابعة لحركة «حماس» ما زالت في الجزء الجنوبي منه. وهو أمر لم يحل دون وجود ما يؤدي الى اعتبار انّها عملية حتمية تجري الاستعدادات على الجانب المصري من الحدود لتأهيلها، لتكون مساحة لاستيعاب النازحين الجدد. وعليه، هل يُعقل أن ليس من اقتراح اسرائيلي بديل لتجنّب الطرح الكارثي؟

 

تقدّمت المعلومات المتداولة عن السيناريوهات الخاصة بمصير مدينة رفح ما بعد الاجتياح المتوقع لها في مختلف وسائل الاعلام الدولية، ولاسيما منها الغربية والاميركية، خصوصا بما يشبه الأحداث اليومية. وما يشكّل نقطة جامعة في ما بينها، أنّها تخوض سباقاً محموماً على نشر التقارير الإستقصائية الإستثنائية والاخبارية العادية، بما فيها الخطط المتوقّعة لمستقبل القطاع ومجريات المواجهة المفتوحة على شتى الاحتمالات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني منذ تاريخ إطلاق عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الاول الماضي، والردّ عليها بـ «السيوف الحديدية».

 

وما كان لافتاً، انّ بعضاً من هذه الوسائل الإعلامية قد خصّصت شبكة من شبكاتها للبث المباشر طوال ساعات النهار، بغية نقل الوقائع الميدانية، في محاكاة واقعية لما يجري من ارتكابات ومجازر لم تشهدها اي منطقة في العالم من قبل، عدا عن السيناريوهات المتداولة لمستقبلها، وما يمكن ان تؤدي اليه، وخصوصاً بعدما تفرّعت من هذه الحرب مجموعة أخرى توزعت بين جنوب لبنان واليمن وسوريا والعراق، الى المضائق البحرية وانعكاساتها على حركة الملاحة الدولية، بما ينذر بحرب عالمية، وإن لم تُعلن بعد، بالنظر الى حجم وعدد القوى المنخرطة فيها.

 

وبعيداً مما هو تقليدي، تركّزت السيناريوهات الاخيرة حول ما يمكن ان تؤدي اليه عملية الاجتياح البري التي تستعد لها اسرائيل لاقتحام رفح ومحيطها، باعتبارها المحافظة الجنوبية الاخيرة من القطاع التي ما زالت تحت القصف الاسرائيلي من بعيد، ولم تحتلها بعد أسوة بالمحافظات الوسطى والشمالية التي فكّكت فيها معظم تركيبة «حماس» الموجودة فوق الأرض، في ظلّ غياب اي معلومات عن حجم ما هو تحتها. وان رفعت اسرائيل شعاراً لعمليتها منذ انطلاقتها بهدف تحرير الأسرى والقضاء على «حماس»، تقول انّ عمليتها الاخيرة ضرورية لتفكيك «الكتائب الاربع» التابعة لـ»حماس» المنتشرة فيها، وما تبقّى من رهائن يُعتقد انّ بعضاً منهم ما زالوا في أنفاقها وربما في بعض منازلها، كما اكتُشف أخيراً وجود رهينتين تمّ تحريرهما في «صفقة مالية» لمجرد انّهما كانا لدى عائلة فلسطينية ولا علاقة لحركة «حماس» او لأي من المنظمات الأخرى بهما.

عند هذه الخلفيات توقفت مراجع ديبلوماسية وسياسية أمام ما هو مرسوم من خطط لمستقبل رفح ومحيطها، لتتحدث عن أقتناعها بأنّ العملية العسكرية باتت قدراً محتوماً، وإن طال انتظارها. ففي ظلّ الكشف عن عملية تحرير الرهينتين الأخيرتين، ارتاحت تل ابيب الى تسويق ما أرادته من عمليتها المقبلة، وضربت بعرض الحائط اي اقتراحات مضادة. كذلك أبطلت كل الضغوط والتحذيرات التي أُطلقت من واشنطن ومعظم عواصم الدول الصديقة والحليفة لإسرائيل كما الدول المطبّعة معها، وتلك التي كانت على الطريق إلى مثل هذه الخطوات، والتي دعتها الى صرف النظر عن خطتها الاخيرة. فهي لم تحتسب للتحذيرات من «عملية دموية» اي حساب، لا بل راحت في مواجهتها الى النهاية، مع اقتراح العودة الى حل الدولتين، رغم المطالبة الدولية بها، ولا سيما الاميركية والخليجية وغيرهما، لمجرد وجود مليون ونصف مليون نازح في مساحة ضيّقة لا تشكّل اكثر من 14 % من مساحة القطاع الجغرافية، ولم يعد امام هؤلاء النازحين للمرّة الرابعة او الخامسة ضمن اراضي القطاع من مفرّ سوى العودة الى وسطه أو شماله، إن كان ذلك ممكناً وقد سمح اليه سبيلاً، وقد سُدّت كل السبل الى اراضٍ آمنة ومنها الأراضي المصرية حتى الأمس القريب.

 

وانطلاقاً من هذه الوقائع، كشفت مراجع ديبلوماسية عن مضمون مجموعة من التقارير المتداولة على نطاق ضيّق، والتي تحدثت عن مخرج للعقدة القائمة في شأن رفح، يجنّب المنطقة تداعيات الرفض الاسرائيلي المطلق لأي خطة تجنّب الزحف إلى زواريب رفح ومحيطها، وما يمكن ان تكون لها من تكلفة سياسية تطيح بما انجزته واشنطن وتل أبيب من عمليات التطبيع منذ «كمب ديفيد» واتفاق اوسلو» الى اليوم. وكشفت عن اقتراح وُضع على بساط البحث منذ أيام في بعض الدوائر الاسرائيلية،

واستعداداً لهذه الخطوة، قالت التقارير السّرية انّ الجيش المصري يمكن ان يقوم بالمهمّة في ساعات قليلة، بعدما وضع وحدات اضافية منه في حال من الاستنفار على طول الحدود الجنوبية للقطاع معززاً بالدبابات والأسلحة الثقيلة، إلى درجة اعتبر فيها انّه خالف ما هو مسموح به بموجب اتفاقية «كمب ديفيد» من ترتيبات عسكرية، بعدما خرقتها اسرائيل في أكثر من نقطة حدودية مع مصر لجهة معبر كرم ابو سالم، وبوجود النية بالعودة الى ما يسّمى «خط فيلادلفيا» الذي أخلته بعد انسحابها الشامل من قطاع غزة بعد أحداث عام 2008.

 

وافادت المعلومات الشحيحة التي تسرّبت من مصادر «يهودية صديقة» لحكومة الحرب في تل ابيب، ان مجموعة منها تجري مفاوضات سرّية مع المسؤولين الكبار في واشنطن حول طرح جديد من باب المساعي الحميدة ليكون بديلًا من اي عملية عسكرية محتملة لا بدّ منها، طالما انّ نتنياهو اعتبر انّ تجنّبها يعني خسارة إسرائيل حربها على الارهاب وخصوصا ان بقي عناصر لحركة «حماس» في تلك المنطقة. ويقضي الطرح الجديد بأن تعلن الفصائل التابعة لـ»حماس» ونظيراتها التي انخرطت معها في الحرب، استسلامها للجيش المصري، على ان يُبحث لاحقاً في مصير القادة العسكريين ان كانوا في أنفاق المنطقة والوقوف على إرادتهم بتحديد الجهة التي يريدون التوجّه إليها.

وقبل الحكم النهائي على مصير مثل هذه الخطوة المفاجئة في شكلها ومضمونها، وهي ما زالت في المهد، نصحت المراجع الديبلوماسية التي تحدثت عنها، بضرورة التريث في تقدير نتائجها. فهي رهن التراجع عن العنجهية الاسرائيلية وما تعّبر عنه آلتها العسكرية من «جنون العظمة»، غير آبهة بما يمكن ان تنتهي اليه مجموعة حروب الإسناد والإلهاء والإنتقام، كما التهديد بوقف التطبيع، وما هو متوافر من إرادة اميركية بتصحيح النظرة الدولية الى دعمها الأعمى لإسرائيل ومعها عواصم العالم الحر، كما يدعون بهذا التوصيف، سواءً كان ذلك عن قصد او عن عجز مطلق لا اكثر ولا اقل.