IMLebanon

رفيق الحريري والمشروع الفارسي

 

يعيش البلد عصفوريّة معارك إنتخابيّة استباقيّة أبطالها من ورقٍ مقوّى يحاولون تضخيم أحجامهم الصغيرة، منهم من يريد صورة بحجم ممالك وإمارات، ومنهم من يدّعي بطولات وهميّة بحجم جبهات، فيما اللبنانيّون يختنقون بالساعات على الطريق مع شتوة عابرة!
لا يتحمل البلد كلّ هذا الصراخ، ما هذا الضجيج السخيف، بصراحة تعبنا، خصوصاً أن كلّ التقاطعات الكبرى تشير أن المنطقة على وشك اهتزازات كبرى لم تتضح بعض ساحة المواجهة الأميركية ـ الإيرانيّة أين ستكون، وإن صنّفت الخزانة الأميركيّة الحرس الثوري منظمة إرهابيّة، ما تمخّض عنه خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاء مخيّباً للآمال إذ بدا وكأنّه فقاعة كلام كبير معلّق بالهواء!

حتى اللحظة ما زال المشروع الفارسي يعصف بلبنان ويختطفه منذ 14 شباط العام 2005، هل كان المشروع الإيراني [الشيعي ـ الفارسي] للمنطقة ليمر لو لم يُغتل الرئيس رفيق الحريري، لإجابة واضحة على هذا السؤال، سأرد القارئ إلى مقالة نشرت في هذا الهامش في 2010/8/18، وحملت عنوان: «تحليل أنيس النقاش لاغتيال الرئيس الحريري»، وفي نهاية ذاك المقال طرحنا أيضاً للمفارقة تساؤلاً: «هل كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري عائقاً أمام سقوط الثمرة العراقية في اليد الإيرانية؟! كلام أنيس النقاش يقودنا إلى هنا، وما هو أصعب وأخطر من طرح السؤال الإجابة عليه!!».

لم تعد الإجابة على هذا السؤال سرّاً أبداً، بل أصبحت واضحة وفجّة زيادة عن اللزوم، نعم كان الرئيس رفيق الحريري عائقاً أمام المشروع الإيراني في المنطقة، لم يُغتل رفيق الحريري من أجل استثمار اغتياله في العراق فقط، بل لاستثمار اغتياله في تنفيذ «احتلال إيراني» غير معلن للبنان، وتجلّى هذا الاحتلال يوم 8 آذار العام 2005، ولولا وضع اليد الإيرانية على لبنان لما تسنّى لمشروعها أن يتمدّد بالطول والعرض في المنطقة!!

بعد اثنا عشر عاماً ويزيد على اغتيال رفيق الحريري، لا عوائق أمام المشروع الإيراني في لبنان، بصرف النظر عن «تفنيص» البعض وصراخه لإيهام الناس أنّه يواجه المشروع الإيراني، لا عوائق ولكن أيضاً لا سيطرة إيرانيّة تامة، التصعيد الأميركي ـ الإيراني، خصوصاً وأن الاتحاد الأوروبي ودوله الكبرى تفتقد أيّ دور حقيقي وفاعل!

المشروع الإيراني للمنطقة انطلق من لبنان، ولا بدّ أن تكون نهايته من لبنان وفيه، حزب الله ذراع إيران العسكرية في المنطقة والذي يتخذ من القضية الفلسطينية والحرب ضد إسرائيل ستاراً، في أسوأ حالاته، منظمة إرهابيّة على عتبة حصارٍ حقيقي وغير مسبوق لخنقه والقضاء عليه في قلب بيئته، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى مخاوف حقيقة من حرب يهرب إليها حزب الله لتبرير جرّنا إلى حرب دفاعاً عن إيران في مواجهتها مع ترامب، ذات مرة قال حسن نصرالله في أحد خطاباته العاشورائية: «المعركة معنا شعاعها على طول فلسطين المحتلة من الحدود اللبنانية إلى الحدود الأردنية إلى البحر الأحمر، من كريات شمونا إلى إيلات»!