IMLebanon

مُستشفى رفيق الحريري الحكومي: الموظفون ضحايا الأزمة مُجدّداً

 

لم يقبض موظفو مُستشفى رفيق الحريري الحكومي رواتبهم كاملة هذا الشهر. حُوّل إليهم مبلغ «مقطوع» قدره مليون ليرة لـ«تسيير» أمورهم، علماً بأنهم لم يتقاضوا منذ نحو ثلاثة أشهر بدلات النقل والتعويضات المُستحقة لهم. أمّا السبب فهو «جفاف» الأموال. الحجة التي تتكرر في كل مرة تتجدد فيها الأزمة. مرة جديدة يدفع نحو ألف موظف ثمن الأزمة المُستمرة التي يعيشها المُستشفى الذي يرزح تحت عجز يفوق 120 مليار ليرة

يتجاوز العجز المالي الشهري لمُستشفى رفيق الحريري الحكومي الـ700 مليون ليرة لبنانية، فيما يفوق العجز المتراكم الـ120 مليار ليرة، بحسب تقديرات مصادر إدارية معنية في المُستشفى الذي يرزح تحت هذا العبء منذ سنوات عدة، نتيجة الخلل المؤسساتي وغياب الإدارة الجدية.

وفيما كان الرهان على سلفة الـ10 مليارات ليرة التي تسلّمتها إدارة المُستشفى منذ أكثر من سنة للقيام بـ«خطوات إصلاحية عملية» تنهض بالمُستشفى، وفق ما وعد مُديره فراس الأبيض آنذاك، تُفيد المُعطيات بأن الواقع المأزوم لا يزال على حاله، وأن الرهان حالياً على سلفة 10 مليارات ليرة ثانية. في ظل هذا الواقع، يدفع موظفو المُستشفى ثمن «جفاف» الأموال المُتكرّر، ويقعون ضحية الأزمات التي تلازم هذا المرفق.

عند بداية الشهر الجاري، فوجئ الموظفون بأن رواتبهم المُحوّلة كانت ناقصة. وأبلغوا «الأخبار» بأن غالبية الموظفين قبضوا مبلغاً موحّداً أشبه بـ«المقطوعة» يبلغ مليون ليرة فقط. وبحسب لجنة موظفي المُستشفى، فإنّ غالبية الموظفين ممن لديهم التزامات، من قروض مصرفية وغيرها، «لم يتبقَّ من رواتبهم شيء نتيجة الخصم التلقائي الذي تقوم به المصارف».

ولم يتقاضَ الموظفون منذ ثلاثة أشهر بدلات النقل الخاصة بهم ولا التعويضات العائلية المُستحقة، فضلاً عن عدم تقاضي بعضهم بدلات العمل الإضافي الذي قاموا به في الأشهر الثلاثة الماضية.

إزاء هذا الواقع، نفّذ عدد من الموظفين، أمس، اعتصاماً أمام وزارة الصحة احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم كاملة وحرمانهم من التعويضات وبدلات النقل، مُعلنين استمرار اعتكافهم عن العمل الى حين تنفيذ مطالبهم.

وكان الموظفون قد بدأوا إضرابهم منذ نحو أسبوع، فتوقف العمل في العيادات وتم الامتناع عن استقبال المرضى الجدد باستثناء الحالات الطارئة والمُستعصية.

وفي مُحصّلة اعتصام أمس، تلقّوا وعداً من مُستشاري وزير الصحة بتنفيذ مطالبهم، وتم الاتفاق على مُهلة خمسة أيام لتحويل الرواتب والاستجابة لبقية المطالب.

المطالب لا تقتصر على تحويل الرواتب والبدلات فقط، فثمة مطالب «انتزعها» الموظفون من مجلس إدارة المُستشفى منذ أكثر من سنتين لم يُنفّذ منها شيء، كمطلب تعديل المنح المدرسية وإقرار درجات للأجراء خارج الملاك وتحديد الراتب السنوي بـ13 شهراً، وغيرها.

ومن المُقرّر أن يُعقد اجتماع، اليوم، في مكتب وزير الصحة بين ممثلي الموظفين من جهة ومدير المُستشفى الدكتور فراس الأبيض، «وعليه سنُحدد تحركاتنا»، وفق أمين سر لجنة الموظفين سامر نزال.

ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها موظفو هذا المرفق الصحي لحرمانهم من رواتبهم. في مرات عدة سابقة حُرموا من رواتبهم لأشهر بحجة العجز المرهق للمُستشفى ونفاد الأموال المخصصة للرواتب.

حالياً، يُصوّر عدد من المعنيين أن الحلّ يكمن في تحويل سلفة الـ10 مليارات ليرة المُنتظرة منذ أكثر من ستة أشهر لمعالجة أزمة الرواتب، علماً بأن هذه السلفة مخصصة لمعالجة العقبات الرئيسية التي من شأنها أن تنتشل المُستشفى من واقعه الحالي.

وللتذكير، تلقّت إدارة المُستشفى في آب 2015 سلفة بقيمة 10 مليارات ليرة. وقد حاولت «الأخبار» التواصل مع الأبيض للوقوف على مصيرها وعمّا إذا أحدثت فرقاً، لكن المعنيين قالوا إن الأبيض خارج البلاد وسيعود اليوم.

مصادر إدارية في المُستشفى تنقل عن الابيض قوله إن الوضع «متل الزفت»، في إشارة الى «تقهقر» المُستشفى، لافتة الى أن السلفة الجديدة التي راهنت الإدارة عليها لم تصل بعد، فضلاً عن أن إدارة المُستشفى لم «تقبض جميع الفواتير المُستحقة على وزارة الصحة منذ بداية 2017».

بدورها، تقول مصادر الوزارة إن مجلس الوزراء كان قد أصدر قراراً بتحديد عقود المُستشفيات على فترة 9 أشهر، «ما دفعنا الى تغيير العقود وتحويلها الى ديوان المُحاسبة، الأمر الذي أخّر تحويل المستحقات الى المُستشفيات»، لافتة الى أن «أموال الفواتير ستحوّل قريباً». ماذا عن السلفة التي تأخرت؟ تُجيب المصادر بأن الوزارة تلقّت طلب السلفة في 20 أيلول الماضي، وأنها في صدد تحويلها الى الادارة في الأيام المُقبلة أيضاً.

في غضون ذلك، يقول العارفون بملف المُستشفى إن التسليفات التي تأتي الى الادارة من دون أي نية جدية للمحاسبة والمراقبة والارادة الجدية للنهوض بهذا القطاع لا يُعوّل عليها، لأنها لن تمنع تكرار الأزمة بل ستؤجلها، تماماً كما حصل مع السلفة السابقة