IMLebanon

حكومة الفيتوكراسي  وديمقراطية الكليبتوكراسي؟

عملية تأليف الحكومة تعيد التذكير بأن النظام الديمقراطي البرلماني المنصوص عنه في الدستور ليس إسما على مسمّى في لبنان. فلا الديمقراطية قليلة النواقص والعيوب في نظام طائفي، ولا البرلمانية، بصرف النظر عن النماذج الجيدة التي قدمتها شخصيات مرّت في تاريخ المجلس النيابي، تقارب التقاليد العريقة حين تفرض البلوكات الطائفية والمذهبية والقبلية التمثيل الشعبي. حتى في نظام ملكي كما في المغرب العربي، فان الملك محمد السادس يوجّه الرئيس المكلف تأليف الحكومة عبدالإله بن كيران والشخصيات والأحزاب الى اعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية ومصالح الناس وقضاياها في تأليف الحكومة، وليس ل تقاسم غنيمة الانتخابات. أما في نظام جمهوري كما في لبنان، فان تقاسم الغنيمة من دون انتخابات هو المعيار الطاغي على عملية التأليف.

والأخطر اننا نشهد تكريس ما يدعو فرنسيس فوكوياما الى الخروج منه في أميركا، وهو الفيتوكراسي. لكن الفارق ان الفيتوكراسي في أميركا جزء من آليات تسيير العمل في النظام حسب الدستور، وهنا ممارسة من خارج الدستور والميثاق لتعطيل عمل النظام. فضلا عن ان ممارسة الديمقراطية الطائفية تجمع الكليبتوكراسي والفيتوكراسي، بحيث يصبح الفساد هو القاعدة ومحاسبة أي فاسد هي الشواذ.

ذلك ان الرئيس المكلف سعد الحريري تحدث عن حكومة وفاق وطني في واقع انقسام وطني. والكل تقريبا، يتصرف على أساس ان حكومة الوفاق الوطني هي التي تضم كل القوى الممثلة في المجلس النيابي من دون تفاهم على أي برنامج سياسي أو حتى على البيان الوزاري، ومن دون اعتبار للقوى غير الممثلة في المجلس. وهذا مفهوم مختلف عن تأليف حكومات الائتلاف الوطني في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية. إذ يبدأ التأليف من البحث في برنامج الحكومة التي تضم الموافقين على البرنامج.

وليس أمرا عاديا ان يشتد الصراع على الحقائب في حكومة قصيرة العمر محكومة بالاستقالة بعد اجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل. فالكل يطالب بأن تكون المهمة الأساسية للحكومة هي إعداد قانون انتخاب جديد. والكل يعرف من تجربة السنوات الماضية قبل التمديد للمجلس وبعده ان قانون الانتخاب لا يُصنع على طاولة مجلس الوزراء ولا في المجلس النيابي بل في كواليس أمراء الطوائف. وهم ليسوا متفقين على قانون، وبينهم من بدأ يمهّد لتأجيل الانتخابات تحت عنوان التأجيل التقني. ومن يتمنى التعثر في تأليف الحكومة الى ان يفوت الوقت على انتاج قانون جديد بحيث يصبح قانون الستين هو القضاء والقدر.

والانطباع السائد ان الحكومة العتيدة ليست حكومة العهد الأولى في حسابات الرئيس ميشال عون. وهذا أمر مفهوم. لكن المهم هو ألاّ تكون حكومة تفليسة المجلس النيابي.