IMLebanon

الرئاسة الضائعة  على خارطة الرهانات

لبنان محكوم بأن تطغى الرهانات على الخيارات. ولا أحد يعرف متى وكيف يخرج من هذه الحال البائسة. ولا شيء يوحي أن الحاجة الى التمسك بخيارات أهل العقل الواقعي تتقدم على الحيرة في الرهانات بين أهل الوهم وأهل الخيال. فالواهمون يراهنون على معادلة رومنطيقية: لبنان ثابت في شرق أوسط متغير ومتحول. والخياليون يراهنون على طبعة ثانية للمعادلة: لبنان متغير ضمن المتغيرات الهائلة في المنطقة داخل البلدان وفي الحدود بينها، لكن اللعبة الجيوسياسية تنتهي بخارطة لمصلحة مشروع واحد.

وليس في رهانات الطرفين ما يضمن تحقيق التصور الأساسي لكل منهما. فلا من الممكن بقاء لبنان على صورته في منطقة تتغير صورتها بأشكال مختلفة ضمن مشهد اقليمي – دولي غير عادي. ولا مجال لأن تربح أية قوة اقليمية أو دولية اللعبة الكاملة بمفردها، ولو جرى القضاء على تنظيم داعش والارهاب. وأقل ما تؤكده الوقائع هو خطورة التسرع في وضع نقطة في نهاية السطر اللبناني والسوري والعراقي واليمني.

ذلك اننا كنا ولا نزال نسمع منذ عشرة شهور على الأقل أن مفتاح الانتخابات الرئاسية مربوط بالتفاوض على الملف النووي الايراني أو أقله بتفاهم بين طهران والرياض على استثناء لبنان من الخلاف بينهما على أمور عدة في طليعتها حرب سوريا. وكنا ولا نزال نقرأ، على مدى الأشهر القليلة الماضية آراء وتحليلات تجزم بأن الاتفاق الأميركي – الايراني على الملف النووي انتهى، وسط البحث في ترتيب الأدوار والنفوذ في المنطقة، وان تأجيل التوقيع الرسمي كان لتحضير المناخ الملائم لإعلانه. فضلاً عن التركيز على حاجة الرئيس باراك أوباما الى الاتفاق كأهم انجاز خارجي لرئاسته، كما على حاجة ايران الى الاتفاق لرفع العقوبات عنها كشرط لما اعتبره الرئيس حسن روحاني معاودة النمو والنهوض الاقتصادي.

لكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف خرجا من مفاوضاتهما في جنيف ليعلنا كلاماً موحداً حمّال أوجه. خلاصة ما قاله كل منهما هو أنه حدث تقدم في بعض المواضيع، لكن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا للوصول الى اتفاق نهائي، ولا تزال هناك مسائل بالغة الصعوبة. والسؤال البسيط هو: هل يكفي الشهر الباقي على موعد الاتفاق النهائي لقطع الطريق الطويل؟ هل هما متفقان على متابعة الخداع حتى تنضج الظروف لإعلان الاتفاق أم ان الخلاف لا يزال عميقاً؟

الجواب صعب. لكن على أصحاب الرهانات أن يردوا على التساؤلات عن التسرع في رسم الخرائط، والاندفاع في ربط الانتخابات الرئاسية بما ليس مضموناً حصوله. وعلى أصحاب الخيارات الانتقال في التمسك بها من القول الى الفعل.