Site icon IMLebanon

حرب عالمية مستعرة تقتات من دماء العرب والمسلمين

على وقع التفجيرات والصواريخ ودوي المدافع وأزيز الطائرات القاصفة والعاصفة بدءاً بالبراميل المتفجرة، ووصولا إلى التفجيرات بشتى أنواع الأسلحة الممنوعة دوليا وعلى رأسها الأسلحة الكيماوية التي باتت أمرا معهودا ومشهودا ومقبولا من المجتمع الدولي، وباتت منطقة الشرق الأوسط بالنسبة إليه مسرحا يضم إليه شتى أنواع المشاهد التي يتسلى الكثيرون بمشاهد مهرجان الدماء المنهمر من أبنائها وفي طليعتهم دماء الأطفال وهي تتدفق تحت الأنقاض وفي أماكن التجمعات الشعبية، تخلط الحابل بالنابل، والأحياء بالأموات والمصالح الدولية تتناقض من حولها وتتناهض مرتكزة إلى كل هذا الموت المنتشر بسرعة البرق فوق البقاع الأكثر ازدحاما بالسكان، في منطقتنا المنكوبة.

من هذا المنطلق، أشير إلى إمكانية تنظيم استفتاء استطلاعي يشترك فيه كبار المحللين السياسيين الدوليين والإقليميين والمحليين، يُسألون فيه عن حقيقة ما يدور على ساحات المنطقة في هذه الأيام السوداء؟ فهناك تحليلات سياسية يومية يدلي بها كل منهم وغالبا ما نجد في صلبها، وقائع متشابكة وحقائق متناقضة وأحداث تنقض استنتاجاتها تلك الناتجة عن أحداث اليوم الذي سلف.

دول عديدة بقدّها وقديدها، دخلت إلينا دخول الفاتحين، بسلاحها وجبروتها ومصالحها، وليس لديها أي رادع من وجدان وضمير، وهي تقتل الناس وتدمر مدنهم وقراهم وتغرق أجسادهم وأرواحهم وتخلطها بأنقاض بيوتهم، تحاصر المدن والقرى، وتمنع عنها الغذاء والماء والدواء وتهدم مستشفياتها منعا للناس من فرصة الأمل بالنجاة. ماذا يدور حقيقة على ارض هذه المنطقة؟ هل ستقودنا جملة الأحداث المتواكبة والمتنقلة والمستفحلة إلى تقاسم هذه الأرض وتفتيت كياناتها وتشتيت أهلها وسكانها في مجاهل الدنيا وخيام النزوح وأهوال التشرد؟ هل ما هو مستجد من أحداث في قلب مدينة حلب وما يحيط بها من مدى وقرى ومناطق، وهل مستجدات منطقة الحدود السورية – التركية، والدور التركي المنطلق بأحداثه واقتحاماته الطارئة لجرابلس وما يجاورها من مدن وقرى ومناطق، وفي المقابل هل تراجعات تركيا في نسبة صلابتها في محاربة ومعاداة النظام السوري وموقفها من الرئيس الأسد بالذات، وهل أحداث مدينة داريا وإجلاء أهلها عنها بعد أن سويت منازلها بالأرض وبعد أن صرح أهلها المحاصرون ما يزيد على الأربع سنوات انهم يتركونها وهم على آخر نفس، وأن تسليمها إلى عناصر إيران ومن والاها وسار على نهجها وارتبط بقياداتها، هل كل ذلك يعني أن ورشة التقسيم والفدرلة قد بدأت بعملياتها الجراحية واسعة المدى والنطاق، وهل الدولة الكردية التي تورطت بلدان كثيرة في تبني نشأتها وفي طليعتها الولايات المتحدة وروسيا وبعض المتفرعات الأوروبية هي قيد الإنشاء الفعلي والمنظم، أم أن هذه الدولة الموعودة جعلت منها التطورات التركية وملحقاتها مجرد وعد يشابه كلاميا وعد بلفور، وما هو قائم في هذه الايام هو انصياع للمواقف التركية وتهديداتها ومبادراتها العسكرية وتقليم لأظافر المتوسعين في مسعاهم إلى إنشاء دولة كردية لطالما تكررت الدعوة إلى إنشائها بينما الوعود تبقى وعودا صعبة المنال والتطبيق؟ واذا ما تجاوزنا منطقة الشرق الأوسط وصولا إلى اليمن والحرب الضروس التي تطاولها نتيجة للطموحات الإيرانية التي انطلقت بالحوثيين والمخلوع صالح، متواكبة مع التطورات الإيرانية ومطامحها ومطامعها في الأرض العربية المتمثلة بأحداث العراق وسوريا وطراطيشها اللاذعة التي تطاول الساحة اللبنانية وتبقيها متيقظة ومتوقعة لتطورات تمس بكيانها ونظامها ووحدة أرضها وشعبها، وتفرض على اللبنانيين نمطا من الحكم والحياة لا ينسجم ولا يتلاقى مع واقع حياتهم وتوجهاتهم وطموحاتهم.

أحداث تتوالى وتتعارك وتتشابك في ما بينها، ولكن وعلى ما يبدو المايسترو واحد، والشركة المساهمة والقابضة على مصائر البلاد والعباد، مستمرة في مخططاتها التي لم تعد تستحي فباتت تصنع ما تشاء. أمّا أهل هذه البلاد المنكوبة فقد تلاقت أوضاعهم الوطنية والإجتماعية المختلفة مع هول الحروب العالمية التي تشن عليهم في هذه الايام، بالجملة والمفرق، بالحرب العسكرية ومتفرعاتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية، أحداث كبيرة وخطيرة لم تعد قيد التحضير فقط، بل باتت قيد التنفيذ العملاني على الأرض، والعالم كله يتفرج، ويلهو بنا ويتآمر علينا من خلال ما اخترعته المخابرات الدولية وفي طليعتها المخابرات الأميركية والإسرائيلية حيث اختلقت وأطلقت واستغلت واستثمرت ما سمته «داعش»، وهي في واقعها المبسط مستقاة من الفلكلور اللبناني وتقترب أكثر ما يكون من «خبرية» راجح المعروفة.

ما هي حقيقة ما يدور على ساحاتنا المنكوبة؟ هل ستطول حكاية شعوبنا مع الموت والدمار والخراب، متى سنستطيع أن نتحكم بمصائرنا ووجودنا وحياة أوطاننا؟ هل يضرب الغزاة لأحفادنا موعدا للإنقاذ والخلاص، بينما أجيال اليوم الراشدة قد غُيّب عنها الرشد وباتت عرضة لكل أنواع الرياح العاصفة والموت الزؤام؟ ما بين الولايات المتحدة ومشاركيها في تنظيم وتلغيم الأحداث بكل أخطارها وأضرارها ولهبها تضيع الأحكام والإستنتاجات، فإلى متى، وإلى أين؟