اخطأ رئيس حركة «أمل» – حركة الامام المغيّب موسى الصدر – نبيه برّي كثيراً في اندفاعته ضد المسيحيين، وخصوصاً الموارنة منهم، عند تجاوزه الخطوط الحمر، التي كان رجال السياسة في «عزّ» الحرب اللبنانية يتجنبّون تجاوزها، وانتقد بعنف البطريرك الماروني بشاره الراعي، لأنه ابدى رأياً في سلّة بري لم تكن على خاطر رئيس مجلس النواب، فاتهم الراعي بمخالفة الدستور، عندها حصر الترشيحات الى رئاسة الجمهورية بأربعة أشخاص فقط، معتبراً ايضاً ان الراعي قد مسّه بكرامته، عندما قال ان من يقبل السلّة من المرشحين يكن من دون كرامة.
على الرغم من ان كلام الراعي في هذه المناسبة كان واضحاً تماماً، وانه كان يبدي رأيه بموضوع السلّة حفاظاً على الدستور، الذي اصبح وجهة نظر عند العديد من رجال السياسة ومن المسؤولين بمن فيهم رئيس المجلس النيابي، وثانياً محافظة منه على كرامة الموقع الاول في الدولة الذي يتم اخضاعه لسلل وشروط لا تليق به اضافة الى انها تعوق ادارته دفّة الدولة، امّا في موضوع الكرامة فالبطريرك توجّه حصراً للمرشحين وليس للرئيس برّي، ولكن على ما يبدو، وجدها برّي فرصة سانحة، «ليخربط» تحرّك الرئيس سعد الحريري باتجاه تأمين اوسع مروحة من التأييد للعماد ميشال عون او حتى لغيره من المرشحين الذين لا يريد برّي وصولهم الى قصر بعبدا، ممن لا يدخلون طرفاً في صفقات ومساومات وتنازلات عن حقوق.
من جهة ثانية تستغرب اوساط روحية ان يعمد بري بعد اكثر من سنتين ونصف السنة على اجتماع بكركي الذي ضمّ تقريباً جميع النواب والوزراء والقيادات ورؤساء الاحزاب الموارنة، والذي خرج بصيغة مرنة لانتخاب رئيس للجمهورية من بين اربعة مرشحين تم تداولهم في الاوساط السياسية وفي وسائل الاعلام كاقوى المرشحين الموارنة شعبياً، ولكن دون ان تقفل بكركي باب بعبدا في وجه اي ماروني، وكان للبطريرك الراعي وللعديد من الاباء تصريحات في هذا الصدد، بان بكركي تؤيد وتساند وتقبل باي مرشح يتم انتخابه قانونياً في مجلس النواب، ولكن الرئيس بري اغلق مجلس النواب عندما رفع الجلسة الاولى ولم يعتبر ان النصاب مكتمل بمجرد خروج عدد من النواب، ولمعلومات الرئيس بري، انه منذ انتخاب المطران بشارة الراعي بطريركياً مارونياً على انطاكيا وسائر المشرق، خلفاً للبطريرك التاريخي مار نصرالله بطرس صفير، لم يتفق الموارنة مثل اتفاقهم وتأييدهم ودعمهم البطريرك الراعي الذي ذكرّهم بموقفه هذا، بمواقف البطريرك صفير، اطال الله بعمره، الوطنية اللبنانية الصلبة التي ترفض اي تنازل عن الحقوق التي وفرّها الدستور والقوانين المرعية الاجراء، للموارنة والمسيحيين، مثلما وفرّها للشيعة والسنّة والدروز وجميع المسلمين.
***
المسيحيون يا دولة الرئيس بري، لم يتدخلّوا عندما تم ترشيحك لرئاسة مجلس النواب، ولم يضعوا شروطاً ولا سلّة، وكذلك فعلوا عندما تم ترشيح رئيس الحكومة تمام سلام، فلماذا يتم خلق التعقيدات والشروط، عندما يكون الموضوع، مرتبطاً ليس فقط برئاسة الجمهورية، بل بأي منصب اداري او عسكري او وزاري؟؟؟