لطالما دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظاته ومواقفه السياسية الى ضرورة إقرار قانون انتخابي يعطي التمثيل الصحيح، وبأن يكون على قياس الوطن لا على قياس اشخاص، لكن موقفه الاخير ُفهم بطريقة خاطئة أوصلها البعض على طريقته، اي بأن الراعي موافق على إعتماد قانون الستين المرفوض من قبل الاحزاب المسيحية الاساسية، بحيث قام البعض وخصوصاً مناصريبعض الاحزاب بمهاجمته عبر مواقع التواصل الاجتماعي من دون ان يفهموا قصده جيداً.
وهو انطلاقاً من توضيح موقفه هذا، ابدى اسفه الشديد امام زواره لما يقال انه يريد الستين، في الوقت الذي يناشد فيه الجميع منذ سنوات ضرورة وأهمية اقرار قانون جديد للانتخابات، يمنح صوت المواطن قيمة وتمثيلا صحيحاً لكل مكونات المجتمع اللبناني. مشيراً الى انه ضد الفراغ والتمديد لمجرد التمديد لأنه يصبح اغتصاباً للسلطة.
الى ذلك نقل مقرّبون من البطريرك الماروني عتبه على بعض الإعلاميين وتذكيره بضرورة نقل الخبر جيداً، وعدم إقتطاع أي جزء منه كي لا يصل الى الناس بطريقة خاطئة. معتبرين بأن بعض الردود على البطريرك لم تكن محقة لأنها أسرعت في الرّد من دون أن تتفّهم الوضع جيداً، لان بكركي لا يمكن أن تشكل تحوّلاً في خطها، فالبطريركية المارونية تاريخ طويل ومتواصل يتألف من 77 بطريركاً رسموا نهجاً واحداً للكنيسة المارونية، وحملوا رسالة واحدة طوال تاريخها العريق. واشاروا الى ان الكنيسة لم تغيّر يوماً في مواقفها حتى ولو تغيّر البطاركة لأن ثوابت بكركي لا تتغير إطلاقاً فهدفها وحدة لبنان واللبنانيين.
وأكد المقرّبون بأن الراعي لا يغيّر مواقفه ولا يدخل في «زواريب» السياسة، اذ يحاول ومنذ انتخابه ان يفتح صفحة جديدة مع الجميع، وبالتالي فالصرح البطريركي هو على تواصل مع كل المسؤولين تحت لواء الحوار مع كل القوى السياسية، ومن الخطأ ان يعمد البعض على إظهار بكركي وكأنها ضمن تموضع سياسي معيّن، لافتين الى ان البطريرك يحاول جمع اللبنانيين حول قواسم مشتركة بمعزل عن اختلافاتهم في السياسة، وهو يعمل على لمّ شملهم، وبكركي لا تميّز بين فريق وآخر وهي ليست طرفاً ضد آخر.
ورأى المقرّبون بأن البطريرك وبحكم مسؤوليته وموقعه المتقدّم شعرَ بأن الابواب فتحت امام الحذر والخوف ليس على المسيحيين فقط بل على لبنان ككل، مما جعل الهواجس تُطرح، وهو يعمل على حماية مصالح المسيحيين ووجودهم في لبنان انطلاقاً من قراءة عميقة للواقع، ولذا على البعض ان يفهموا ان مواقفه لا تعني الاصطفاف السياسي الى جانب أي فريق، مؤكدين بأن سيّد بكركي ضد قانون الستين لكنه إنطلق من فشل السياسيين على إقرار قانون انتخابي جديد، بحيث اصبحت الانتخابات بحكم المؤجلة الى أجل غير معروف، وبالتالي فالتمديد على الابواب لذا اراد ان يدّق ناقوس الخطر علّه يوقظ السياسييّن النائمين في سبات عميق بهدف تفصيل القانون الذي يناسبهم لا اكثر ولا اقل، وبالتالي اراد ان يحّض البعض على تلبية دعوة رئيس الجمهورية فيسارع الى إقرار قانون جديد ضمن المهلة المتبقية.
وختموا بأن الراعي لا يغطي قانون الستين المجحف خصوصاً بحق المسيحيين، لذا لم تعد العودة سهلة الى هذا القانون القديم، الذي يشكّل حاجزاً منيعاً أمام التغيير الحقيقي. وبالتالي لا يسمح بتجديد الحياة السياسية وبالتنوع على مستوى التمثيل داخل الطوائف والمذاهب.