IMLebanon

غارة تبدّد حرباً!

مهم النفي الذي أصدره «الإعلام الحربي» التابع لـِ «حزب الله» للأنباء التي تحدثت عن غارات جويّة إسرائيلية طاولت ليل الثلثاء – الأربعاء مواقع في جرود بلدة نحلة البقاعية اللبنانية وجوارها في منطقة القلمون السورية.

لكن أبناء المنطقة البقاعية القريبة سمعوا ما يكفي لنفي ذلك النفي! وتحدثوا عن إنفجارات ضخمة تردّدت أصداؤها بوضوح تام وخصوصاً في مدينة بعلبك وجوارها.

.. تبعاً لذلك، فهي ليست المرّة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تشنّ فيها اسرائيل غارات جوية قاسية ومدمّرة على أهداف ومواقع وقواعد وقوافل في الداخل السوري.. وتشن قوى الممانعة في المقابل، حملة لنفي ذلك. وتصرّ على النفي! لكن غارات النكران الراهنة تحمل، في الواقع، أكثر من دلالة مهمة. أولها أنّها تأتي غداة التحذير السياسي والإعلامي العالي السقف الذي أُطلق باتجاه إسرائيل من مغبّة مبادرتها الى أيّ اعتداء في لبنان. وثانيها أنّ الأداء الذي اعتمد في المرحلة الماضية في ظلّ إدارة باراك أوباما لا يزال معتمداً في المرحلة الراهنة في ظل إدارة دونالد ترامب برغم الاختلاف الجذري في مقاربة الإدارتين للموضوع الإيراني و«امتداداته» الإقليمية وخصوصاً في سوريا ولبنان.

الغارات الحديثة يمكن إدراجها من قبَل الإسرائيليين في السياق ذاته. إذ إنّهم أيضاً يستمرون في اعتماد الأداء ذاته برغم التغيير في «البيت الأبيض»! أي إنهم تابعوا القصف الليلي من دون الإعلان عنه. وهذا تكتيك مفهوم في علم الحروب والضرب بالمليان، ولا يمكن تفسيره سوى بخلاصة واحدة هي عدم الرغبة في التصعيد! بحيث إنّ الإعلان عن القصف قد تكون له تداعيات أخطر من القصف ذاته! لأنّه يُحرج الجهة المستهدفة ويدفعها حُكماً الى التحرك المضاد حتى لو لم تشأ التصعيد بدورها!

والواضح (والله أعلم!) أنّ القاصف والمقصوف قدّما إشارة مهمّة على تراجع الاحتمالات الخطيرة التي تردّدت خبرياتها وتفاصيلها أخيراً وتحديداً بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي ذهبت سيناريوات المواجهة وخطب الوعيد والتهديد فيها الى نقطة «إفنائية» غير مسبوقة في تاريخ النزاع الطويل والمرير، وجعلت شعوب «دول الطوق» وخصوصاً في الجانب اللبناني، مهمومة بتداعيات تلك التهديدات والسيناريوات! بقدر الإسرائيليين وأكثر!

ربّما يكون مبكّراً الاستنتاج بأنّ الوعود العاصفة تبدّدت على وقع غارات الليل البقاعي القلموني الأخير، لكن ليس مبكراً الاستنتاج بأنّ الأداء المتبادل للمعنيين بتلك الغارات يدلّ بوضوح على إنعدام (أو تراجع) النيّة بالتصعيد، راهناً على الأقل!

علي نون