Site icon IMLebanon

الغارات تستهدف قوات الأسد إذا…

الرئيس السوري بشار الأسد في مأزق كبير. هذا ما يعتقده أميركيون كثيرون بعضهم مسؤول وبعضهم باحث وبعضهم متابع وبعضهم خبير. فهو يستطيع اليوم أن يرتاح قليلاً ليتابع حملة “التحالف الدولي”، وليرى تطورها ونهاياتها، ولكن من دون أن يعطي يستهدف المعارضة المعتدلة التي يفترض أن تنمو قوتها وقدراتها في مرحلة مقبلة. لكنه يستطيع في أثناء ذلك أن يحاول منع هذه المعارضة من استعادة قوتها ومن عودتها خطراً جدياً عليه، وذلك بمتابعة العمليات العسكرية ضدها اقتناعاً منه بأن “التحالف الدولي” يتكفّل بالمتطرفين والإرهابيين. والواضح الآن، في رأي هؤلاء، أن الحملة العسكرية الجوية ستستمر لفترة يعاد في أثنائها بناء القوات المعارضة المعتدلة بحيث تصبح ماكينة قتالية جدية. وحظوظ نجاح هذه العملية كبيرة لأن الذين سيقومون بها فكّروا في كل ما يحتاجون إليه لإنجازها وضمنوا الحصول عليه مثل التدريب والتسليح، وتشارُك المعلومات ووضع الاستراتيجيا والتكتيكات، وتكوين قيادة عسكرية فاعلة وخلاّقة. انطلاقاً من ذلك، يفترض في الرئيس الأسد، إستناداً إلى الأميركيين أنفسهم، أن يُدرك أنه أمام خيار من اثنين. الأول قبول تسوية متفاوَض عليها مع المعارضة المعتدلة يمكن أن تنهي نظامه في صورة رسمية وعلى نحو شامل، ولكن تحمي الطائفة التي ينتمي إليها وتحفظ لها دورها الوطني. والآخر الاستمرار في القتال حتى الوصول إلى النهاية القصوى الموجعة جداً، وهي إنهاء النظام وتهديد طائفته أو طائفة رئيسه وسائر الاقليات في البلاد بخطر شديد وبمصير خطير.

أي خيار من الاثنين تفضله أميركا وتحديداً رئيسها باراك اوباما؟

الاميركيون إياهم، من مسؤولين وباحثين وخبراء ومتابعين، مقتنعون بأنه لا يزال يريد تسوية متفاوضاً عليها للازمة – الحرب الأهلية والمذهبية في سوريا تؤدي الى تنحي الرئيس الأسد وجماعته أو مجموعته وتحفظ للأقلية التي هم منها دوراً فعلياً. لكن الحلفاء الاقليميين أي الشرق الأوسطيين من عرب وغير عرب لأميركا المشاركين معها حالياً في المعركة (الجوية حتى الآن) ضد “داعش” و”النصرة” وأمثالهما، يريدون تدمير الرئيس الأسد ونظامه بغض النظر عن ما يمكن أن يحصل للطائفة التي ينتمي إليها، كما لسائر الأقليات في سوريا. ورغم أن مرحلة اعتماد الخيارين المذكورين أو أي خيار غيرهما ليست قريبة فإن الاستراتيجيا الأميركية صارت واضحة اليوم. وهي تقضي باستعمال الضربات الجوية لإضعاف المتطرفين جداً ولخفض منزلتهم في عيون مؤيّديهم والمقاتلين معهم، وفي الوقت نفسه بناء القوة المعتدلة القائمة أساساً ومن زمان على الفارّين من الجيش النظامي وتحويلها نظامية إلى حد كبير. وإحدى مهماتها الرئيسة على الأرض ستكون المساعدة في الحملة العسكرية البرية ضد المتطرفين عندما تبدأ، وبعدما يصبح الكثيرون مهيّئين لها في المنطقة والعالم. وإذا حاول الأسد الإفادة من انخراط “المعتدلين” في حربهم على المتطرفين لتوجيه الضربات إليهم فإنّ أميركا ستهب للمساعدة باستهداف مباشر لآلته العسكرية. وهو يعرف ذلك استناداً إلى المعلومات المتوافرة. وهذا يقلِّص عملياً الخيارين الذين تمّت الإشارة أعلاه إلى توافرهما أمامه إلى واحد فقط. وهو الاستعداد الفعلي للتفاوض في الوقت المناسب.

ما هو موقف إيران الحليفة الأولى للأسد ونظامه من كل المفصَّل أعلاه؟

الديبلوماسية الإيرانية مهمة وممتعة، يجيب الأميركيون أنفسهم. إذ تجرى محادثات بنّاءة بين إيران والسعودية تتناول سوريا وما يجري فيها ولبنان. وتجرى في الوقت نفسه محادثات بين أميركا وإيران حول الملف النووي للأخيرة وكذلك حول العراق وسوريا ولبنان. وتعتقد واشنطن، إستناداً إلى ذلك، أن إيران أيضاً في مأزق، رغم أن عاصمة عربية جديدة (صنعاء) وقعت في قبضتها أخيراً. وما كان ذلك ليتحقق ربما لولا ضوء أصفر سعودي – أميركي. والمأزق يكمن في رغبتها في إنقاذ الأسد ونظامه، وفي معرفتها المضاعفات الكثيرة لمحاولة إنقاذهما على استحالتها، وفي إدراكها الأخطار الكثيرة عليهما التي ستظهر مع “اشتداد عود” الحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، ومع إصرار حلفاء أميركا في المنطقة على التخلص منهما. لكن إذا سار تنفيذ الاستراتيجيا الأميركية كما هو مخطّط، فسترى إيران نفسها مضطرة إلى دعم تسوية متفاوض عليها مقبولة من الجميع.