IMLebanon

راجح  

 

“راجح” في كل زمان ومكان… صحيح أنّ هذا الاسم انبثق من مسرحية “بياع الخواتم” للاخوين رحباني (بطولة السيدة فيروز)، طبعاً القصة معروفة وباختصار هناك ضيعة صغيرة يصر مختارها على أنّ كل شيء عاطل يحصل فيها هو من أعمال راجح، وطبعاً راجح اسم لشخص وهمي، والمختار الذي هو الفنان الكبير المرحوم نصري شمس الدين هو خال البطلة السيدة فيروز… وفي يوم من الأيام جاء الى القرية “بياع خواتم” اسمه راجح وهنا انفضحت القصة بعدما عاش المختار على الكذبة سنوات طويلة وهو يلقي بكل المشاكل والجرائم على راجح المزعوم.

 

ولكن يبدو أنّ لكل زمان ومكان راجحه… واليوم عندنا راجح جديد اسمه “داعش”.

وفي العودة الى أساس “داعش” وكيف جاء وما هذه التسمية العجيبة الغريبة ISIS (الدولة الاسلامية في العراق والشام).

في البداية التطرّف الاسلامي جاء الى العراق عام 2003 مع غزو أميركا لهذا البلد العربي، ومن أجل تهديد الاميركيين جاء الرئيس صدام بجماعة “القاعدة” ويومها كان ابو مصعب الزرقاوي والحجة الاميركية لغزو العراق كانت ثلاثية:

أولاً: للقضاء على أسلحة الدمار الشامل.

ثانياً: للقضاء على “القاعدة”.

ثالثاً: لنشر الديموقراطية والحرية.

وتبيّـن، كما أكدت صحيفة “كريستشين ساينس مونيتور” أنّ جورج بوش كان يكذب لأنه أولاً: لم يكن هناك عنصر واحد من “القاعدة” في العراق قبل الغزو.

ثانياً: لم يجدوا أسلحة دمار شامل.

ثالثاً: أين الديموقراطية وأين الحريات بعد الغزو؟

النظام السوري المجرم ورئيسه بشار الأسد المجرم والنظام العراقي وكان رئيس الحكومة في ذلك الوقت نوري المالكي هما اللذان أطلقا من سجونهما العراقية والسورية العناصر الاسلامية المتطرّفة التي كانت الأساس لـ”داعش”… وهذا معروف للعالم كله.

نعود الى كلام السيّد حسن نصرالله البارحة لنتوقف بعد هذه المقدمة عند الأمور الآتية:

أولاً: “داعش” الذي يحاربه السيّد ويدافع عنه الاميركيون هو نفس “داعش” الذي أبرم السيّد معه اتفاقاً للخروج من جرود بعلبك والذي أرسل لعناصره الباصات المكيفة لتنقلهم الى دير الزور وعندما أوقف الطيران الاميركي القافلة التي أقلتهم أصدر “حزب الله” بياناً يناشد العالم الوقوف الى جانب الأطفال والنساء والعائلات ومقاتلي “داعش”.

ثانياً: السيّد يعرف ويعلم جيداً أنه لولا احتلال أميركا العراق لما كان اللواء قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري يتمكن من أن يتنقّل في المنطقة والعراق ويحكم هذا البلد العربي.

ثالثاً: لولا الاتفاق مع أميركا لما استطاع رئيس الحكومة العراقية أن ينفق كلّ الأموال في الخزينة العراقية على “حزب الله” وعلى الحرب في سوريا وعلى بشار الأسد… بمعنى أدق لولا أموال العراق لما كانت الحرب في سوريا مستمرة.

رابعاً: عندما احتل “داعش” الموصل كان يوجد في فرع البنك المركزي العراقي في الموصل 500 مليون دولار، إضافة الى كميّات السلاح التي تكفي الجيش العراقي بأكمله ومنها 500 سيارة رباعية الدفع جديدة ماركة تويوتا إضافة الى المدافع والرشاشات والذخيرة، ولولا الاتفاق بين الاميركيين والسلطات العراقية وتحديداً نوري المالكي وقاسم سليماني لما تسلم “داعش” هذه الأموال وهذا السلاح.

ولكن لكي يكتمل المشروع لا بد من “داعش”.

خامساً: “حزب الله” ومعه الميليشيات العراقية المتطرفة ومعهم الجيش الاميركي والحرس الثوري والجيش السوري وكلهم بقيادة اللواء قاسم سليماني كل هؤلاء وبعد سنتين وثلاث من الحرب كانت المعارضة السورية قاب قوسين أو أدنى من النصر، إذ كان نظام المجرم سيسقط خلال اسبوع لولا التدخل الروسي بكل قوة لكي ينقذ هذا المجرم، واليوم يقول السيّد إنّه هو و”حزب الله” ومقاتلوه هم الذين أنقذوا سوريا من الإرهاب ومن “داعش”.

سادساً: سؤال بسيط، لقد سقط 3000 قتيل وعشرة آلاف جريح من “حزب الله”، فهل يستطيع السيّد أن يقول لنا لماذا قتلوا؟ هل انّ بقاء نظام بشار الأسد يستأهل ازهاق هذه الأرواح كلها؟ وهل يجوز شرعاً ذلك أم أنّ هناك حساباً عند ربّ العالمين خصوصاً للمؤمنين إذ انّ قتل نفس بغير نفس جريمة لا يقبل بها ربّ العالمين.

أخيراً يستطيع السيّد أن يقول ما يريد ولكنه بينه وبين نفسه يعرف الحقيقة ويعرف أنّ هذه الأعمال كلها التي ينفذها هي بأوامر من اللواء قاسم سليماني ولكي نكون أكثر دقة أوامر من الأميركيين الى قاسم سليماني.

سابعاً: المؤامرة يا سيّد هي تكملة للقضاء على الجيوش العربية التي خطط لها المجرم اليهودي هنري كيسنجر بعد إخراج الجيش المصري عام 1979 بموجب اتفاقية السلام:

وفي العام 2003 تمّ حل الجيش العراقي يوم غزت أميركا العراق.

ثم تمّ القضاء على الجيش الليبي في ليبيا.

واليوم وبفضلكم وفضل الاميركيين يتم القضاء على الجيش السوري.

ثامناً: من يستفيد من قتل مليون مواطن سوري وتهجير 11 مليوناً أي ما يوازي نصف الشعب السوري؟ وهل هذا كله من أجل محاربة “داعش”؟!.

والسؤال المركزي يبقى: كيف استطاع “داعش” أن يحتل الموصل في يومين، وها قد انقضت السنة الثالثة حتى تمكنوا من إخراجه من الموصل؟ فهل من جواب؟!.