IMLebanon

التجمّع» من الجليل المحتل: القرار الخليجي خدمة مجانية لإسرائيل

لم يكد أصحاب القرار الخليجي ينتهون من عدّ الخيبات المتمثلة في خروج الشرفاء في عدّة أقطار عربية رفضاً لقرار حكوماتهم وصم حزب الله بـ«الإرهاب»، حتى أتاهم قرار «التجمع الوطني الديموقراطي» في أراضي الـ48 المحتلة

أصدر المكتب السياسي لحزب «التجمع الوطني الديموقراطي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بياناً يدين فيه القرار الخليجي وصم حزب الله بـ«الإرهاب»، معلناً بذلك خروجه عن الصمت الرسميّ الفلسطيني، وتخطّيه النقاش الحاد حول مشاركة الحزب في الحرب الدائرة في سوريا.

«الأخبار» علمت من مصادر حضرت اجتماع المكتب السياسي، أن مسؤولاً «تجمعياً» واحداً حاول عرقلة إصدار البيان، رافضاً الخروج على القرار الخليجي، ولكن إجماع الأعضاء الباقين غلب عليه، فأُصدر البيان مساء أول من أمس، وأكّد فيه الحزب «رفضه قرار مجلس التعاون الخليجي ووزراء الداخلية العرب باعتبار حزب الله منظمة إرهابية»، مشدّداً على أن «حزب الله تصدّى للعدوان الإسرائيلي على لبنان الشقيق، ووقف في وجه محاولات فرض الهيمنة الأميركية الإسرائيلية».

يقول الأمين العام لـ«التجمع»، عوض عبد الفتاح، إنه «رغم اختلافنا ومعارضتنا تدخل المقاومة اللبنانية في سوريا، فإننا نرى في قرار وزراء الداخلية مظهراً من مظاهر الضياع والحالة العبثية التي تجتاح الساحة العربية منذ مدة طويلة، وتفاقمت منذ انفجار الثورات». وأضاف، في حديث إلى «الأخبار»، أن تصنيف الأنظمة العربية للحزب على أنه إرهابي، كما صنّف النظام المصري من قبلها حركة «حماس» في الخانة نفسها، «يصبّ في مصلحة إسرائيل ومشروعها».

تلتقي هذه الإدانة بالرفض الشعبي والسياسي في عدد من الدول العربية للقرار نفسه، رغم أنّ المقارنة هنا قد لا تصلح نظراً إلى خاصية الحزب الذي يعمل ضمن ما يُعرف بأراضي الـ48. فـ«التجمع» في المقام الأول حزب قومي عربي مشارك في «الكنيست» الإسرائيلي، ويرى أن «المواطنة الإسرائيلية» غير مشروطة بتقديم الواجبات لمن احتل الأرض، لكون صاحب الأرض الأصلي يحصل على حقوقه المشروعة من دون منّة من أحد. وواظب نوّاب الحزب على زيارة عائلات الشهداء الفلسطينيين، ويطالبون رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإعادة الجثامين المحتجزة إلى ذويها.

هو السبب نفسه الذي قد يفسّر خروج «التجمع» عن «القائمة العربية المشتركة» في «الكنيست» ليصرّح بأنه لم يوقّع على بيانها الذي أدانت فيه عملية الشهيد نشأت ملحم في تل أبيب مطلع العام الجاري.

قادة مؤسّسون: القرار الخليجي إمعان في خطاب التكفير السياسي

أمّا أن يدين المكتب السياسي (أعلى هيئة سياسية في التجمع) القرار الخليجي، فهذا ليس سهلاً على الاطلاق. فخلال السنوات الخمس الماضية، رأى قسم لا بأس به داخل «التجمع»، على غرار أحد مؤسّسيه الأوائل، عزمي بشارة، أن النظام السوري يمارس قمعاً وظلماً بحق الشعب السوري. ومع أن بشارة التزم الصمت خلال الأيام الماضية، ولم يصرّح بشأن القرار الخليجي، فإن «حزبه» أدان القرار.

«التجمّع» قال في بيانه إن «القرار يسكب الزيت على نار الفتنة ويساهم في تعميق المحنة التي تعيشها الأمة، وله عواقب وخيمة على الأمن القومي العربي ويصبّ في مصلحة مشروع هيمنة إسرائيل وحلفائها في المنطقة، الذي يتّبع استراتيجية سحب شرعية وضرب أي قوة بإمكانها التصدي والوقوف في وجه العدوان».

واللافت أن الحزب، الذي انقسم منذ مؤتمره السادس عام 2011 إلى معسكرين: واحد يقف في صف الحكومة السورية ومكانتها في محور المقاومة فيما الآخر يرفع مطالب «الثورة»، رأى أول من أمس أنه مهما كانت الانتقادات التي توجه إلى حزب الله بشأن دوره في سوريا وغيرها، فإن ذلك «لا يبرر القرار الخليجي الخطير، الذي يعتبر خدمة مجانية لإسرائيل وحلفائها… الذين لا يخفون مطامعهم التوسعية ومشاريعهم العدوانية في فلسطين ولبنان وسائر الوطن العربي».

الرئيس السابق لـ«التجمع»، واصل طه (الجليل المحتل)، قال كذلك إن قراري وزراء الداخلية العرب ومجلس التعاون الخليجي «مشبوهان». وأضاف أن «الاحتلال الإسرائيلي هو الإرهاب الذي لا يزال جاثماً على الأرض العربية في لبنان والجولان وفلسطين وليس حزب الله المقاوم». وتابع: «هذا القرار غير معبّر عن إرادة الشعب العربي وحركاته الوطنية والقومية، بل قرار بلاط المشايخ الذين لا يسمعون في شوارعهم صدى لغة الضاد».

وأدان طه تصويت مندوب فلسطين في اجتماع وزراء الداخلية العرب، معتبراً أنه لا يمثل موقف الفلسطينيين من حزب الله، ومثمّناً في الوقت نفسه رفض «منظمة التحرير الفلسطينية» لما وصفه بالقرار «التعيس». وزاد بأن كلامه «يعبر عن الغالبية العظمى من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وحتى عن كثيرين في غزة والضفة».

كذلك رأى عمر سعيد (أحد مؤسّسي «التجمع»، من الجليل المحتل)، أن إعلان حزب الله منظمة إرهابية «يجسد حالة تردٍ وضياع قصوى في زمن الفتن، بل خطيئة تاريخية بكل المقاييس، بما قد يؤديه من دور في عملية اغتيال آخر قيم النضال والمواجهة ضد العدو المركزي والحقيقي».

وأضاف سعيد، في حديث إلى «الأخبار»، أنه «إزاء حالة الاستسلام المخزية للنظام العربي الرسمي وأزلامه، ورغم ما قد يوجه إلى الحزب من نقد في الملف السوري، يبقى أهم حركة مقاومة وتحرر في العقدين الأخيرين، والجهة العربية الوحيدة التي يحسب لها العدو حساباً جديّاً». كذلك رأى أن القرار الخليجي «يعني استباحة الرأي والحرية لأنصار المقاومة في الأرض العربية، وهو إمعان في خطاب التكفير السياسي والارتماء في أحضان أميركا وإسرائيل… ورسالة للبنان كي يستعد لأجواء حرب أهلية فتنوية».

عموماً، لم يخف «التجمع» إعلان إدانته، ولم يخجل منها، رغم أن هذا الإعلان قد يضاف إلى سجل «مخالفاته» الأمنية لدى سلطات الاحتلال، خصوصاً أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تتماهى مع القرار الخليجي. وقد يدفع «التجمع» فاتورة باهظة بسبب هذا البيان، وهو الذي لم يتوانَ للحظة عن دفع ثمن «نضالاته»، فيما سجن الاحتلال بعض كوادره لإدانتهم «بالتخابر مع حزب الله»، وها هو يستعد لإقصاء نوابه من «الكنيست» بسبب مواقفهم من الانتهاكات الإسرائيلية.