Site icon IMLebanon

تلزيمات بلا مناقصات عنوان النهج غير الشفَّاف في الوزارات

أثيرت في جلسة مجلس الوزراء في 18 شباط الجاري قضية التلزيمات بلا مناقصات من خلال تجزئة المشاريع. ماذا تعني التجزئة، ولماذا تعتمد الوزارات هذا النهج بدلا من المناقصات؟ وهل يعتبر هذا الاسلوب قانونيا؟

باتت تجزئة المشاريع لتفادي المناقصات ورقابة ديوان المحاسبة المسبقة، نهجاً متّبعاً في الوزارات حيث تثير هذه الطريقة الشبهات، وتدفع البعض الى اتهام الوزير بانه يقسّم الحصص والغنائم بين «جماعته» من خلال مشاريع غالباً ما تكون لمصلحة منطقته وقومه.

وبما أن قانون المحاسبة العمومية المرسوم الرقم 14969، يتيح للوزير توقيع قرارات صرف لا تتعدى الـ 100 مليون ليرة من دون الحصول على موافقة مسبقة من ديوان المحاسبة، أصبحت الوزارات تعمد الى تجزئة المشروع الواحد الذي تفوق كلفته هذا المبلغ، بحجّة الاسراع في التنفيذ.

وبالتالي، لم تعد المناقصات المتعلقة بصفقات اللوازم والأشغال والخدمات، حاجة في بعض الوزارات وقد مرّت أعوام على عدم إرسالها أي ملف إلى إدارة المناقصات.

واذا كانت المناقصات العمومية الخاضعة لقانون المحاسبة العمومية والتي من المفترض ان تحظى بشفافية كاملة، تُطرح حولها في معظم الاوقات علامات استفهام، فكم بالحريّ صفقات استدراج العروض والاتفاقات بالتراضي والمناقصات المحصورة؟

بعيداً من نهج تجزئة المشاريع، هناك بدعة أخرى يتّبعها بعض الوزراء تتمثل بالمناقصات المحصورة بين فئة محدودة من المناقصين تتوفر فيهم المؤهلات المالية والفنية والمهنية المطلوبة.

حكيم

في هذا الاطار قال وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«الجمهورية» انه وقف بقوة ضد مشروع التجزئة الذي طرحه وزير الاشغال العامة غازي زعيتر في جلسة مجلس الوزراء في 18 الجاري، معتبرا انه من غير المسموح بعد اليوم الاختباء وراء تسريع العمل لاقرار مشاريع بلا مناقصات، وبالتالي تصبح هذه التلزيمات موضع شبهة وتنقصها الشفافية.

اضاف حكيم: اذا كان جهاز المناقصات غير كاف نستطيع ان نرفع حجم هذا الجهاز وأن نرشّق حركته، لكن لا يجوز بعد اليوم اعتماد هذه الاساليب في تمرير التلزيمات من دون رقيب او حسيب.

التفتيش المركزي

في هذا السياق، أوضح مدير عام المناقصات في التفتيش المركزي جان العلية لـ«الجمهورية» انه في المبدأ من المفترض ان تنحصر كل مناقصات الدولة إن كانت عمومية أو محصورة، ومهما كانت قيمتها، بإدارة المناقصات، باستثناء ما يعود منها لوزارة الدفاع الوطني، وقوى الأمن، والأمن العام.

وأشار الى ان قانون المحاسبة العمومية ينصّ على ان استدراجات العروض التي تقلّ قيمتها عن 100 مليون ليرة، يمكن اجراؤها داخل الوزارة المعنيّة.

أما استدراج العروض التي تزيد قيمتها عن 100 مليون ليرة، فيجب ان يتمّ من قبل إدارة المناقصات.

وشرح أن البلديات والمؤسسات العامة وفقا للمرسوم 2866، تستطيع إجراء المناقصات الخاصة بها داخل البلديات أو المؤسسات العامة، شرط الالتزام في اتّباع الأسس والمعايير نفسها المتّبعة في ادارة المناقصات. ولكنّ العلية اعتبر ان هذه النصوص بقيت نظرية بسبب غياب الرقابة الفعالة على شفافية تطبيق هذه القواعد.

وبالنسبة لتجزئة المشاريع، قال العلية ان استدارج العروض على سبيل المثال، للوازم بقيمة 225 مليون ليرة، تستوجب إخضاعها للتفتيش المركزي، مما يدفع الوزارات، تفاديا للرقابة، الى تجزئتها الى 3 مشاريع بقيمة 75 مليون ليرة للمشروع الواحد.

وشدد على ان تجزئة المشاريع بهذا الشكل، لا يعتبر قانونياً، «لأن التجزئة هي استثناء محصور، بحسب قانون المحاسبة العمومية، في حالات تبرّره حيث يفيد نصّ القانون على انه «لا يجوز تجزئة النفقة إلا إذا رأى المرجع الصالح لعقد النفقة أن ماهية الأشغال أو اللوازم أو الخدمات المراد تلزيمها تبرر ذلك».

وتساءل العلية هنا أيضا عن فعالية الرقابة على المشاريع المجتزأة التي تنفذها الوزارات، «حيث ان رقابة ديوان المحاسبة اللاحقة، لا تغطي المشاريع كافة بسبب النقص في الموارد البشرية، في حين ان الرقابة المسبقة غير موجودة في حالات المشاريع المجتزأة لأن الوزارات لا تُطلع ديوان المحاسبة على المشاريع المنوي تنفيذها من دون مناقصات».