خطت حكومة حسان دياب خطوة جديدة في ملف الكهرباء يفترض أن تقودها إلى قرار تلزيم بناء معامل انتاج في وقت لم يعد بعيداً. منحت موافقتها إلى وزير الطاقة ريمون غجر للتفاوض على تفاهمات مع الشركات العالمية المصنّعة المهتمة ببناء معامل لمصلحة شركة كهرباء لبنان ورفع تقرير لمجلس الوزراء. وأرفقت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد كلامها خلال تلاوتها بيان مجلس الوزراء، بالإشارة إلى أنّ المقصود بالمعامل “الزهراني ودير عمار بالمبدأ”.
أما في المقررات الرسمية لمجلس الوزراء فجاء أنّ “المجلس قرر الموافقة على طلب وزارة الطاقة والمياه لناحية التفاوض على التفاهمات مع الشركات المهتمة، استناداً الى مذكرة التفاهم المعدة من قبل الوزارة بعد ادخال بعض التعديلات عليها، والمرفقة بهذا القرار، والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه، ورفع تقرير بالنتيجة الى مجلس الوزراء كي يصار الى تطبيق الخطة بدءاً بالزهراني واستكمالاً لها بحسب الخطة”.
حتى الآن، لا تزال روزنامة المعامل تثير حساسية وخلافات بين أركان المظلة السياسية للحكومة، وتحديداً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بسبب معمل سلعاتا، حيث يصرّ الأخير على أن يكون المعمل على لائحة الحكومة في خطة التلزيم في حين يرفض الثاني أن يكون المعمل في قائمة الأولويات، ومن هنا يتمّ الحديث عن مرحلتين لخطة بناء معامل انتاج الطاقة، يكون معمل سلعاتا في جزئها المؤجل.
ولكن ماذا تعني مذكرات التفاهم مع الشركات المصنّعة؟ وهل هي ملزمة؟ وهل لا تزال الشركات العالمية مهتمة بعد تعثّر لبنان مالياً وركود الوضع الاقتصادي في العالم جرّاء أزمة الفيروس التاجي؟
يشرح وزير الطاقة ريمون غجر لـ”نداء الوطن” مذكرة التفاهم بالقول، إنّها إطار إداري بسيط يعبّر عن عرض الشركة الراغبة في دخول هذا المجال، وهي تلي خطوة المشاورات الأولى مع الشركات المتحمسة لبناء معامل انتاج الطاقة، ولا بدّ بالتالي من ترجمة العروض التي ترغب هذه الشركات بتقديمها كي تصير هذه المشاورات موثّقة في مذكرات خطية، غير ملزمة لا للشركات ولا للدولة، ولكنها تسمح بإجراء مقارنة علمية واضحة توضع على طاولة مجلس الوزراء ليحدد موقفه من كل عرض.
ويشير إلى أنّ هذه المذكرات هي خطوة جدية على طريق الانطلاق في مفاوضات رسمية مع الشركات، عادة ما تتضمن تفاصيل العروض، من قدرة المعمل المقترح، كفاءته، نوع الفيول، التمويل، كيفية الدفع، الضمانات… وما إلى ذلك من مندرجات عقود من هذا النوع. ويلفت إلى أنّ هذه المذكرات تسمح بإجراء مقارنة بين العروض كي يتمكن مجلس الوزراء من المفاضلة بينها، وقد يطلب بعدها من وزير الطاقة خوض مفاوضات جديدة مع صاحبة العرض الأفضل لتحسين العقد لجهة الأسعار والتسهيلات.
ونفى غجر أن تكون الشركات المصنعة قد تراجعت عن عروضها والتي تمّ شرح بعضها في لجنة الأشغال العامة بوجود ممثلين عن هذه الشركات بسبب الأزمة المالية العالمية، لافتاً إلى أنّ الآثار السلبية لفيروس كورونا على الاقتصاد العالمي يدفع الشركات العالمية للبحث عن فرص استثمار جديدة، إلا أنّ حالة التعثر للدولة اللبنانية قد ترتب اجراءات جديدة “ولكن لا نريد استباقها وعلينا انتظار ما ستقدمه رسمياً الشركات الراغبة في الاستثمار، وهنا أهمية المذكرات التي سنوقعها”. وأكد أنّ أبرز الشركات العالمية الراغبة في الاستثمار، والتي سبق وأبدت رغبتها بالأمر، وهي “سيمنز”، “جنرال الكتريك”، “انسلدو”، و”ميتسوبيشي” لا تزال عند موقفها وحماستها بدخول هذا المجال، وهي لم تبدل رأيها أو تتراجع عن عروضها.
ولفت إلى أنّ الصينيين أعربوا عن رغبتهم في دخول مجال التمويل وليس بناء المعامل، ما يعني أنه ليس هناك تضارب بين الجهات الصينية والشركات المصنّعة، كونها قد تتفاهم في ما بينها للدخول في شراكة لتنفيذ هذه المشاريع. وأشار إلى أنّه سيعرض مذكرات التفاهم على الشركات في وقت قريب جداً، قد لا يتعدى مهلة الأيام ليعود من بعدها إلى مجلس الوزراء لاجراء المقتضى.
وعما اذا كانت الخطة قد قسّمت إلى مرحلتين، يؤكد وزير الطاقة أنّ الخطة المقرّة في مجلس الوزراء تتضمن بناء ثلاثة معامل، في سلعاتا، دير عمار والزهراني، وبالتالي ستكون مروحة الخيارات أمام الشركات الراغبة في الاستثمار، متاحة بين المعامل الثلاثة لتقديم عروضها وفق اعتباراتها وحساباتها، من دون أن يعني ذلك أنّ بدء بناء معمل يسمح له بالانتهاء قبل غيره. ولكن في النهاية سيكون مجلس الوزراء صاحب صلاحية القرار في وضع سلّم الأولويات في التنفيذ والتلزيم.